للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فيجري عليه)

أي فيجرى على النصف حكم المقابلة، وحكم المقابلة في النصف أنه إذا وجد المشتري عشرة أذرع ونصفاً يجب عليه من الدراهم عشرة دراهم ونصف درهم، فكذلك في صورة النقصان يجب عليه تسعة دراهم ونصف درهم، وفي بعض النسخ: فيجزأ عليه من التجزئة.

[[الخلاف في بيع الثوب التي تختلف جوانبه]]

(وهو ظاهر، فنزل كل ذراع منزل ثوب)

والثوب إذا بيع بأنه كذا كذا ذراعاً فوجده أنقص، لا يسقط شيء من الثمن، ولكن يثبت، وله الخيار، فكذلك ههنا، فعند عدم الذراع كاملاً عاد الحكم إلى الأصل، وهو الوصف، فصارت العشرة والنصف بمنْزلة العشرة الجيدة، والتسعة والنصف بمنْزلة التسعة الجيدة، كذا ذكره فخر الإسلام (١) -رحمه الله (٢) -.

وذكر في الذخيرة "وما قاله: أبو حنيفة -رحمه الله- أصح؛ لأن الذراع وما دونه في حكم الصفة -على ما مر (٣) -، وإنما يعتبر أصلاً بمقابلة الثمن به، والمقابلة مقيدة بالذراع، فإذا عدم الذراع لم يثبت صحة الإضافة، فبقيت العبرة؛ لكونها صفة، فصارت زيادة نصف ذراع بمنْزلة زيادة صفة (٤) الجودة، فيسلم له من غير ثمن، وصار نقصان نصف ذراع بمنْزلة تسعة أذرع جيدة فيتخير" (٥).

وأما الجواب عن قول محمد- رحمه الله- بأن الدراهم لما قوبل بالذراع كان نصف الدرهم مقابلاً بنصف الذراع ضرورة (٦)، فإنا نقول: كون الذراع بمنْزلة العين ليس بأصل بل هو صار/ أصلاً باعتبار الإفراد بمقابلة الإفراد، واسم الدرهم لا يقع لما دون الدرهم، وكذلك الذراع، فكانت المقابلة مقتصرة على موضع الإفراد، وهو الدرهم، فلما انعدمت المقابلة من حيث اللفظ رجع الذراع إلى أصل وهو الصفة، وهذا هو الجواب أيضاً عن قول أبي يوسف -رحمه الله (٧) -.


(١) فخر الإسلام هو: علي بن محمد عبدالكريم بن موسى البزدوي، له تصانيف كثيرة معتبرة، منها: المبسوط، وشرح الجامع الكبير، وشرح الجامع الصغير، يقال له: "أبو العسر"، توفي سنة ٤٨٢ هـ. الجواهر المضية (١/ ٣٧٢)، تاج التراجم (ص: ٢٠٥)، الفوائد البهية (٢٠٩ - ٢١٠).
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٨/ ٣٠).
(٣) راجع ص ١٣٢.
(٤) "وصف" كذ في (ب).
(٥) المحيط البرهاني (٦/ ٣٧٥).
(٦) ينظر: المحيط البرهاني (٦/ ٣٧٥).
(٧) قال في الهداية: "لأبي يوسف -رحمه الله- أنه لما أفرد كل ذراع ببدل نزل كل ذراع منْزلة ثوب على حدة، وقد انتقض. ولأبي حنيفة -رحمه الله- أن الذراع وصف في الأصل، وإنما أخذ حكم المقدار بالشرط، وهو مقيد بالذراع، فعند عدمه عاد الحكم إلى الأصل" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٣).