للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم شراء المضارب من يعتق على رب المال]

(من يعتق على رب المال لقرابة (١) أو غيرها): كالمحلوف بعتقه، فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين الوكيل بشراء العبد مطلقًا بألف درهم؟ فإنه يملك أن يشتري بها عبدًا يعتق على موكله بالقرابة أو باليمين ولا يصير به مخالفًا هناك والمضارب لو فعل ذلك يكون به مخالفًا. مع أن أحد أحوال المضارب الوكالة قلت: الفرق بينهما هو أن في باب الوكالة أطلق الوكالة إطلاقًا وفي المضاربة لم يطلق بل قيدها بوصف وهو الشراء بما (٢) يظهر فيه الربح بالبيع فإذا اشترى ما لا يقدر على البيع فقد خالف قيده فيكون مخالفًا فلا يقع على المضاربة، وفي باب الوكالة: لو قيدها أيضًا وقال اشتر لي جارية أو عبدًا بألف درهم أبيعه فاشترى عبدًا يعتق عليه صار مخالفًا ولا فرق بينهما حينئذ كذا في شرح الطحاوي (٣).

وقوله: (بخلاف البيع الفاسد) متعلق بقوله: (شراء ما لا يملك بالقبض) أي: لا يدخل في عقد المضاربة ذلك ويدخل البيع الفاسد فيه؛ لأن المشترى بالبيع الفاسد مما يملك إذا قبض فلا يكون المضارب مخالفًا لرب المال بمباشرته (٤) البيع الفاسد.

(ولو فعل): أي: اشترى من يعتق على رب المال، (صار مشتريًا لنفسه دون المضاربة): لأن رب المال إنما أمره بأن يشتري بالمال ما يمكنه بيعه فإن المقصود الاسترباح ولهذا أوجب له الشركة في الربح وذلك لا يحصل إلا بالبيع بعد الشراء فلم يكن هذا من جملة ما تناوله الأمر على تقدير وقوعه على المضاربة؛ لأنه يعتق على رب المال فلم يمكنه بيعه بعد ذلك فصار هذا كما لو قال لغيره: اشتر لي جارية أطؤها فاشترى أخت الموكل من الرضاعة


(١) في (أ): أقرابة.
(٢) في (أ): إنما.
(٣) يُنْظَر: بدائع لصنائع ٦/ ٩٦.
(٤) في (أ): لمباشرته.