للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا يجوز بيع اثنين بواحدٍ بأعيانها) أَي: عند محمدٍ؛ لأنَّ مِن أصل محمّد أنَّ الثَّمنية تثبت باصطلاح الكلّ، فلا يبطل باصطلاحهما، وإذا بقي معنى الثَّمنية لم يتعيَّن (١) بالتّعيين فصلُحت رأس المال في الشّركات والمضاربات كالدّراهم والدّنانير. وعندهما أنَّ الثّمنية لَيست بلازمة لها وأنَّها تبطل باصطلاحهما، وإذا بطَلت بقيت عروضًا (٢)؛ كذا في الإيضاح.

وقوله: (بأعيانها) إنّما قيِّد (٣) ليظهِر ثمرة الاختلاف، لأنَّه لوباع فِلسَينِ بواحد من الفلوس نسيئةً لا يجوز بالاتفاق (٤) فعندهما لوجود النّسيئة في الجنس الواحد، وعند محمد لهذا ولمعنى الثمنية. أمَّا (٥) إذا كانت بأعيانها فعندهما يجوز، وعند محمد -رحمه الله- لا يجوز لما ذكرنا (٦).

(والأوَّل أقيس) وهو كون أَبي يوسف مع أبي حنيفةلأنَّهما لما اتّفقا في جواز بيع فِلس [بعينه] (٧) بفلسين بعينهما كانا متّفقينِ أيضًا في عدم جواز الشّركة بالفلوس، وإن كانت نافقة؛ لأنَّ هذه المسألة مَبنية على تلك المسألة؛ لأنَّه لما جاز بَيع الواحد بالاثنين في الفلوس عندهما كان للفلوس حكم العروض، والعروض لا تصلح لرأس مال الشّركة فيهما أي: في الشّركة والمضاربة.

[[حكم الشركة بمثاقيل الذهب والفضة]]

(إلَّا أنَّ الأوّل أصحُّ) وهو رواية الجامع الصّغير بأنَّه لا يجوز الشّركة بالمثاقيل، وجعل ذلك في المبسوط ظاهرَ الرّواية (٨).

(لأنَّها) أي: لأنَّ مثاقيل ذهب أو (٩) الفضّة.

(إلا أنْ يجري التّعامل باستعمالها ثمنًا) أي: باستعمال المثاقيل هذا استثناء عن قوله: (إلا أنَّ الأوّل أصحّ) يعني: أنَّ عدم جواز الشّركة بمثاقيل الذّهب والفضّة أصحّ إلّا أنَّ عند جريانِ التّعامل باستعمالها فحينئذ تجوز الشّركة بها.

وذكر في المبسوطـ، بعد ما ذكر ظاهر الرّواية، بأنَّ الشركة لا يجوز بالتِّبر فقال: فقد جعل التِّبر في "كتاب الصَّرف" كالنُّقود حتّى قال: لا يتعيَّن بالتّعيين/ ثُمَّ قال: فالحاصل أنَّ هذا يختلف باختلاف العُرف في كلِّ موضِع، فإنْ كانت المبايَعة بين النّاس في بلدة بالتِّبر فهو كالنُّقود ولا يتعيَّن بالتّعيين، وتجوز الشّركة به، وإن لم يكن في ذلك عُرف ظاهر فهو كالعروض، لا تجوز الشّركة به (١٠).


(١) في (ب) "تتعين".
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٦٠)، العناية شرح الهداية (٦/ ١٧٠).
(٣) في (ب) "قيد بها".
(٤) مراتب الإجماع (ص: ٨٥)، كتاب الإجماع للإمام ابن المنذر (ص: ٣٠).
(٥) في (ب) "وأما".
(٦) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٦٠)، العناية شرح الهداية (٦/ ١٧٠)، البناية شرح الهداية (٧/ ٣٩٠).
(٧) ساقط من (أ).
(٨) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٥٤).
(٩) في (ب) "و".
(١٠) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٥٩ - ١٦٠).