للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٤/ ب] قوله: (والأصح: أن هذا قول أبي يوسف) (١) احتراز عما وقع في عامة نسخ المختصر هو ما ذكر قبله، وهو قوله: وأقلّهم عند أبي حنيفة ثلاثة سوى الإمام، وقالا:/ اثنان لأبي يوسف أن للمثنى حكم الجماعة حتّى يتقدم الإمام عليهما، وفي الجماعة معنى الاجتماع، وذلك يتحقّق بالمثنى وجه قولهما الاستدلال بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٢)، وهذا يقتضي مناديًا وذاكرًا، وهو المؤذن والإمام، ثم قوله: {فَاسْعَوْا} خطاب جمع، وأقلّ الجمع المتفق عليه الثلاثة (٣)، فإنّ أهل اللغة فصّلوا بين التثنية، والجمع فالمثنى، وإن كان [فيه] (٤) معنى الجمع من وجه، فليس بجمع مطلق، واشتراط الجماعة هاهنا [ثابت] (٥) مطلقًا. كذا في «المبسوط» (٦).

(فلا يعتبر منهم) (٧) أي: لا يعتبر الإمام في تحصيل الجماعة من القوم (٨).

(وإن نفر الناس قبل أن يركع … إلى آخره) (٩). وجه قول زفر -رحمه الله-: أن يشاركه القوم الإمام شرط الأداء لا شرط الانعقاد بدليل أن القوم إذا تحرّموا بعد تحرّم الإمام جاز، ولو كانت المشاركة شرطًا للانعقاد دون الأداء؛ لكان يشترط التحرّم منهم بصفة القران؛ فكان اشتراط الجماعة للجمعة كاشتراط الوقت لها، ولكنّا نقول: الجماعة شرط افتتاح الجمعة، وقد وجد ذلك حين صلّى بهم ركعة، فكان له أن يتمّها جمعة، بخلاف الوقت فإنّه شرط الأداء لا شرط الافتتاح حتّى يشترط لصحتها بقاء الوقت من أوّلها إلى آخرها بخلاف الجماعة، فإنّ الرجل إذا كان مسبوقًا بركعة في صلاة الجمعة، فإنه يقوم، ويتمها جمعة منفردًا بالاتفاق، فلو كان اشتراط الجماعة كالوقت لما جاز ذلك، فإنّه لا يجوز أداء الجمعة إذا خرج الوقت في جزء منها، ولهما أنّ مشاركة الإمام المقتدي شرط لصحة جمعة المقتدي كمشاركة القوم الإمام شرط لصحة جمعة الإمام، ثم مشاركة الإمام المقتدي لا يشترط لصحة جمعة المقتدي من أوّل الصلاة إلى آخرها حتى صحّ صلاة اللاحق، والمسبوق منها، فكذا مشاركة القوم الإمام لصحة جمعته لا يشترط من أوّل الصلاة إلى آخرها؛ وهذا لأن الجماعة شرط وقت الشروع في صلاة الجمعة، وقد وجدت، بخلاف ما إذا نفروا قبل الشروع؛ لأن هناك تحريمته لم ينعقد للجمعة، فكيف يتمها جمعة؟! (١٠).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٢.
(٢) سورة الجمعة من الآية: (٩).
(٣) قال القرطبي: قرأ عبدالله بن الزبير والأعمش وغيرهما "الجمعة" بإسكان الميم على التخفيف. وهما لغتان. وجمعهما جمع وجمعات. قال الفراء: يقال الجمعة "بسكون الميم" والجمعة "بضم الميم" والجمعة "بفتح الميم" فيكون صفة اليوم؛ أي تجمع الناس. كما يقال: ضحكة للذي يضحك. وقال ابن عباس: نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم فاقرؤوها جمعة؛ يعني بضم الميم. وقال الفراء وأبو عبيد: والتخفيف أقيس وأحسن؛ نحو غرفة وغرف، وطرفة وطرف، وحجرة وحجر. وفتح الميم لغة بني عقيل. وقيل: إنها لغة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعن سلمان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما سميت جمعة لأن الله جمع فيها خلق آدم". وقيل: لأن الله تعالى فرغ فيها من خلق كل شيء فاجتمعت فيها المخلوقات. وقيل: لتجتمع الجماعات فيها. وقيل: لاجتماع الناس فيها للصلاة. ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ١٨/ ٩٧.
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٤٣.
(٧) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٣.
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٦١.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٣.
(١٠) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٦١.