للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومراده من قوله: (وأنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوّال)؛ أن الخطباء الذين يأتون بعد الخلفاء الراشدين يكونون على كثرة المقال مع قبح الفعال، وأنا إن لم أكن قوّالًا مثلهم فأنا على الخير دون الشرّ، فأما أن يريد بهذه المقالة تفضيل نفسه على الشيخين رضي الله عنهما فلا، كذا في «المحيط» (١).

يقال: ارتج الباب أغلقه إغلاقًا، والرتاج الباب المغلق، ومنه قولهم ارتج على الخطيب، أو على القارئ مبنيًا للمفعول إذا استغلق عليه القراءة، فلم يقدر على إتمامها.

ألا ترى أنهم قالوا للمرشد: فتح على القارئ، والعامة تقول: اُرتجّ بالتشديد، ولكن الكلام العربي بالتخفيف. كذا في «المغرب» (٢).

قيل: هذه المسألة بناء على أنّ الحقيقة المستعملة [عنده] (٣) أقوى من المجاز المتعارف، وعندهما على العكس.

وفي «المبسوط» (٤): والذكر يحصل بقوله: الحمد لله، فما زاد عليه شرط الكمال لا شرط الجواز، وهو نظير ما قال أبو حنيفة -رحمه الله- أن فرض القراءة يتأدّى بآية واحدة، ثم قوله: الحمد لله كلمة وجيزة تحتها معان خمسة يشتمل على قدر الخطبة، وزيادة، فالمتكلم بقوله: الحمد لله كالذاكر لذلك كله، فيكون ذلك خطبة لكنها وجيزة، وقصر الخطبة مندوب إليه، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «طول الصلاة وقصر الخطبة مئنة من فقه الرجل» (٥).

ومثل هذا الكلام في مثل هذه الحالة يُعدّ كلامًا طويلًا؛ لأن المكان أعدّ للخطبة، والوقت وقت الخطبة، والخطيب هيّأ نفسه، فإذا جاء بالذكر، وإن قلّ يكون خطبة، ولا يبعد أن يختلف الكلام باختلاف المحل، ألا ترى أنّ من اعتاد التكلم بنعم في خلال [كلامه] (٦) كان نعم في خلال كلامه لغوًا، وإذا (٧) قال له غيره (٨): لي عليك كذا، وكذا فقال: نعم، كان ذلك منه إقرارًا، ولزمه المال. كذا في «المحيط» (٩).

(لأنّ الجمعة مشتقة منها) (١٠) [لما كانت مشتقة] (١١) من الجماعة، فلا يتحقق بدون الجماعة، كالضارب لما كان مشتقًّا من الضرب لم يتحقق بدونه، وكذا في سائر المشتقات (١٢).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٧٢.
(٢) (١/ ٣١٩ - مادة "رتج").
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٥٥.
(٥) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ٢٠٨ - رقم ٥٥٥٤)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٩/ ٢٩٨ – رقم ٩٥١٣). قال الهيثمي في (مجمع الزوائد: ٢/ ٤١٧): روى الطبراني بعضه موقوفًا في الكبير ورجال الموقوف ثقات.
(٦) في (ب): " الصلاة".
(٧) في (ب): "لو".
(٨) في (ب) عشرة.
(٩) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٧٢.
(١٠) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٢.
(١١) في (ب): "أي".
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٦٠.