للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «التجنيس» (١): مقدار الجلوس بين الخطبتين عند الطحاوي (٢) مقدار ما يمسّ موضع جلوسه المنبر، وفي الظاهر مقدار ثلاث آيات، وجه قولهما ما روي عن عمر، وعائشة رضي الله عنها (٣) أنهما قالا: «إنما قصرت الصلاة لأجل (٤) الخطبة» (٥)، ومعلوم أن قصر الصلاة لا يكون بالتسبيحة الفردة، ولا بالتحميدة الفذّة، فوجب (٦) إيجاب ما يسمّى خطبة. كذا في «الفوائد الظهيرية» (٧).

وأبو حنيفة -رحمه الله- استدلّ بما روي أن عثمان - رضي الله عنه - لما صعد المنبر في أوّل جمعة ولي قال: «الحمد لله فارتج عليه، فقال: إن أبا بكر (٨)، وعمر كانا يعدان لهذا المكان مقالًا، وأنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال، وسيأتي الخطبة من بعد الله أكبر ما شاء الله فعل» (٩)، ونزل، وصلى الجمعة، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة - رضي الله عنهما -، فدلّ أنّه يكتفى بهذا القدر (١٠).


(١) التجنيس والمزيد، من مؤلفات علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني المرغيناني. ينظر: معجم المؤلفين ٧/ ٤٥.
(٢) شَرْحُ الطَّحَاوِيِّ، لأبي جعفر أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (ت ٣٢١ هـ)، واسم كتابه (شرح مشكل الاثار)، حققه شعيب الأرنؤوط، وطبعته دار الرسالة.
(٣) عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان، من قريش: أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية بعد الهجرة، فكانت أحب نسائه إليه، وأكثرهن رواية للحديث عنه. ولها خطب ومواقف. وتوفيت في المدينة سنة ٥٨ هـ. روي عنها ٢٢١٠ أحاديث. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ٣٢٣، الإصابة في تمييز الصحابة: ٨/ ١٦، الطبقات الكبرى: ٨/ ٥٨.
(٤) في (ب): "لمكان".
(٥) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١/ ٤٥٦ – رقم ٥٢٧٦) من حديث مكحول.
(٦) في (ب) يوجب.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٥٩، والمحيط البرهاني: ٢/ ١٦٧.
(٨) عبدالله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي أبو بكر الصديق، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان اسمه عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وهو أول من آمن به، وصاحبه في الغار، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان أبو بكر ولد بعد الفيل بثلاث سنين. له في كتب الحديث ١٤٢. ينظر: الثقات لابن حبان: ١/ ١٨٤، التاريخ الكبير: ٥/ ١، الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ١٦٩.
(٩) ذكره الملا الهروي في (مرقاة المفاتيح: ٣/ ١٠٤٨)، وقال: لم يعرف هذا الأثر في كتب الحديث بل في كتب الفقه.
(١٠) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٥٥.