للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٤/ أ] وعند أبي يوسف -رحمه الله- لا يجوز بدون الطهارة، وهو قول الشافعي؛ لأن الخطبة بمنزلة شطر الصلاة حتى لا يجوز أداؤها إلا في وقت الصلاة، وفي الأثر: «إنما قصرت الجمعة (١) لمكان الخطبة» (٢)، فكما يشترط الطهارة في الصلاة فكذلك في الخطبة، ولنا أن الخطبة ذِكر، والمحدث والجنب لا يمنعان عن ذكر الله/ تعالى ما خلا قراءة القرآن في حق الجنب، وليست الخطبة نظيرة الصلاة، ولا بمنزلة شطرها بدليل: أنها يؤدّي غير مستقبل القبلة، ولا يفسدها الكلام، وتأويل الأثر أنّها في حكم الفوات كشطر الصلاة، لا في اشتراط شرائط الصلاة فيها. كذا في «المبسوط» (٣).

وفي جواز الخطبة قاعدًا يخالفنا الشافعي، وحاصله: أنّ الشافعي يشترط الخطبتين، ويقول: [القيام] (٤) فيهما فريضة عند القدرة، والجلسة بينهما فريضة، وفي الأولى أربع فرائض: التحميد، والصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والوصية بتقوى الله تعالى، وقراءة آية، وكذلك في الثانية إلا أنّ الدعاء في الثانية بدل قراءة الآية في الأولى. كذا في «الخلاصة الغزالية» (٥).

(فإن اقتصر على ذكر الله جاز عند أبي حنيفة -رحمه الله-) (٦)، وهذا الإطلاق يقتضي أن يجوز بمجرد قول الله من غير قرآن ذكر شيء به كالحمد، وسبحان الله؛ لأنه ذكر الله (٧)، ولكن الرواية في «المبسوط» (٨)، وغيره: أنّه إذا خطب بتسبيحة واحدة، أو بتهليل، أو بتحميد أجزاه في قوله.

وذكر في «المحيط» (٩): يجزئ في الخطبة قليل الذكر نحو قوله: الحمد لله، و [نحو قوله] (١٠): سبحان الله.

وفي «المبسوط» (١١): إلا أن الشرط عند أبي حنيفة -رحمه الله- أن يكون قوله: الحمد لله على قصد الخطبة حتى إذا عطس، فقال: الحمد لله يريد الحمد على عطاسه لا ينوب عن الخطبة، وقالا: لابدّ من ذكر طويل يسمّى خطبة، قال القاضي الإمام أبو بكر الزرنجري (١٢): [أقلّ] (١٣) ما يسمّى خطبة عندهما مقدار التشهّد من قوله: التحيات لله … إلى قوله: عبده ورسوله (١٤).


(١) في (ب): " الصلاة".
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١/ ٤٥٦ - رقم ٥٢٧٦) من حديث مكحول.
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٤٦، ٤٧.
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٥٨، ٥٩.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ٢/ ٨٢.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٥٩.
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٥٤.
(٩) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٧١.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٥٥.
(١٢) بكر بن محمد بن علي بن الفضل بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن عثمان بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن جابر بن عبد الله الأنصاري الزرنجري، أبو الفضل وبعضهم قال: اسمه أبو بكر وكنيته أبو الطفيل، إمام فاضل عارف بروايات مذهب أبي حنيفة رحمه الله، حافظ لها مرجوع إليه في الفتاوي والوقائع، عمر العمر الطويل حتى انتشر عنه العلم، وحدث بالكثير وأملى وسمعوا منه وكانت ولادته في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، ومات صبيحة يوم الخميس التاسع عشر من شهر ربيع الاول وقيل من شعبان سنة أثنتي عشرة وخمسمائة ببخارى ودفن بمقبرة كلاباذ. ينظر: لسان الميزان: ٢/ ٥٨، الأنساب للسمعاني: ٣/ ١٤٨، معجم المؤلفين: ٣/ ٧٤.
(١٣) [ساقط] من (ب).
(١٤) تبيين الحقائق: ٣/ ٧٣.