للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالمراد به الملك دون القدرة حتى أنه لو عرض عليه الماء لا يجوز له أن يتيمم، ولو عرض على الجانب في اليمين الرقبة يجوز له التكفير بالصوم كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله-.

قوله -رحمه الله-: (هو غاية لطهورية التراب) وتسميته غاية إنما كانت من حيث المعنى لا من حيث الصفة؛ فإنه لم يرد فيه كلمة الغاية، وقوله-صلى الله عليه وسلم-: «ولَو إلى عَشْر حِجَج». ليس بغاية للتيمم حيث لم يقل: إلى وجوب الماء. بل وردت فيه كلمة المدة في قوله-عليه السلام-: «التُّرَابُ طهُورُ المسْلِم مَا لم يَجِدِ الماءَ» (١). أي: ما دام أنه غير واجد للماء، ولكن معناهما يلتقيان في أن الحكم بعد ذلك الوقت يخالف ما قبله فيسمى باسم الغاية.

-قوله: (وخائف السبع والعدو والعطش عاجز حكمًا) لأن صيانة النفس أوجب من صيانة الطهارة بالماء فإن لها بدلاً، ولا بدل للنفس، أو لأن هذا في معنى المريض بجامع أنه يفضي إلى الهلاك، وفي حق المريض جواز التيمم منصوص عليه (٢) فألحق هذا به.

قلت: جاز أن تجب الإعادة بالوضوء على الخائف من العدو [بعد] (٣) زوال العذر لما أن العذر جاء من قبل العباد، وقد ذكر المصنف -رحمه الله- في «التجنيس» والإمام الولوالجي -رحمه الله- في «فتاواه» (٤): «رجل أراد أن يتوضأ فمنعه إنسان عن التوضي بوعيد. قيل: ينبغي أن يتيمم ويصلي ثم يعيد الصلاة بعد ما زال عنه ذلك؛ لأن هذا عذر جاء من قبل العباد فلا يسقط فرض الوضوء عنه كالمحبوس في السجن إذا وجد التراب الطاهر ولم يجد الماء يتيمم ويصلي، وإذا خرج يعيد فكذا هذا» (٥)،


(١) سبق تخريجه في (ص ٣٤٤).
(٢) بالآية في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} المائدة [٦].
(٣) في (ب): «وبعد».
(٤) الفتاوى الولوالجية (١/ ٦٥) الفصل السابع في التيمم.
(٥) انظر: التجنيس (١/ ٣٠٩، ٣١٠) باب التيمم، مسألة (٢٨٥، ٢٨٦).