للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولهذا لا يصح من الكافر، وبالارتداد ارتفعت طهوريته إلى هذا المعنى أشار الإمام التمرتاشي-رحمه الله-.

قوله: (كالمحرمية في باب النكاح) بأن كانا رضيعين وقد زوج كل واحد منهما بالآخر أبواهما، ثم أرضعتهما امرأة يرتفع [النكاح] (١)، أو كانا كبيرين وقد مكنت المرأة ابن زوجها بعد النكاح حيث يرتفع النكاح فيهما بعد الثبوت كما لا ينعقد فيهما ابتداءً، والأصل فيه أن كل صفة منافية للأحكام يستوي فيه الابتداء والبقاء كالردة والحدث العمد في الصلاة، ولا يشكل على هذا ما إذا سبقه الحدث وهو في الصلاة، حيث لا تفسد به الصلاة ولا تنعقد به ابتداءً لما أن ذلك مخصوص بالنص بقوله عليه السلام: «مَنْ قَاء أوْ رعَفَ في صَلاته» الحديث (٢).

وَلَنَا أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ صِفَةُ كَوْنِهِ طَاهِرًا فَاعْتِرَاضُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ لا يُنَافِيه كَمَا لَوْ اعْتَرَضَ عَلَى الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا لا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ ابْتِدَاءٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُ. (وَيَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لأنَّهُ خَلَفٌ عَنْهُ فَأَخَذَ حُكْمَهُ (وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَاءِ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) لأنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ، وَخَائِفُ السَّبُعِ وَالْعَدُوِّ وَالْعَطَشِ عَاجِزٌ حُكْمًا

قوله: (فاعتراض الكفر لا ينافيه كما لو اعترض على الوضوء) فإن قيل: «أليس أن المراد يحبط بقوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [سورة المائدة: ٥]، ووضوؤه من عمله.

قلنا: الردة تحبط ثواب العمل، وذلك لا يمنع زوال الحدث كمن توضأ على قصد المراءاة زال الحدث به، وإن كان لا يثاب على وضوئه»، كذا في «المبسوط» (٣). وتنقضه أيضًا رؤية الماء إضافة النقض إلى الرؤية فجاز لما أن الناقض هو الحدث السابق إلا أن عمل الناقض السابق يظهر عندها فأضيف إليه فكان حقيقة المعنى/ ٢٠/ ب/ فيه، وينتهي كون التراب طهورًا عند رؤية الماء المقدور على استعماله كاملاً.

قوله: (لأن القدرة هي المراد بالوجود) يعني: أن المراد من الوجود المذكور في قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣]، ومن الوجود المذكور في قوله-عليه السلام-: «التُّرَابُ طهُورُ المسْلِم مَا لم يَجِدِ الماءَ». هو القدرة على الاستعمال لا الملك بخلاف الوجود المذكور في الكفارات في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦]، وفي قوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢]،


(١) ساقطة من (ب).
(٢) سبق تخريجه في (ص ١٦٢).
(٣) المبسوط للسرخسي (١/ ١١٧) باب التيمم.