للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن هذا فرَّق أبو يوسف بين نيته للإسلام وبين نيته للصلاة، فقال: يكون متيممًا في الأول دون الثاني. وقال: لأن الإسلام يصح منه فيصح نية التيمم منه للإسلام بخلاف [ما] (١) لو تيمم بنية الصلاة؛ لأن الصلاة قربة لا تصح من الكافر، ولا تصح نية الصلاة فيجعل وجود هذه النية عدمها بمنزلة فيبقى التيمم من غير نية فلا يصح.

وقال في «المبسوط» في تعليلهما: «أن من شرط التيمم نية الصلاة به، والكافر ليس [من أهلها] (٢)، والتيمم لا يصح بغير نية، ونيته للإسلام لا تعتبر في التيمم إنما تعتبر نية قربة [ونية القربة] (٣) لا تصح إلا بالطهارة. ألا ترى أن المسلم إذا تيمم بنية الصوم أو الصدقة لا تصح، والكافر أولى» (٤).

(فَإِنْ تَيَمَّمَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ) وَقَالَ زُفَرُ -رحِمَهُ الله-: بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لأنَّ الْكُفْرَ يُنَافِيه فَيَسْتَوِي فِيهِ الابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ كَالْمَحْرَمِيَّةِ فِي النِّكَاحِ)

-قوله: (وقال زفر -رحِمَهُ الله-: بطل تيممه) فإن قلت: كان من حقه أن ينعكس الحكم لانعكاس العلة فإن من حقه أن لا يبطل تيمم المسلم بارتداده على قول زفر لعدم احتياجه إلى النية [عنده كما في الوضوء، فإنه لا يبطل بالارتداد بالاتفاق (٥) لعدم احتياجه إلى النية] (٦)، وعنده التيمم كالوضوء في ذلك.

قلت: قال شيخ الإسلام (٧) -رحمه الله-: وهذه المسألة من زفر رواية منه أن التيمم لا يصح إلا بالنية، وقد روي عن زفر أن التيمم يصح من غير نية فعلى هذا لا يبطل على مذهبه بالردة كالوضوء فكان [عن] (٨) زفر روايتان: أن التيمم يتأدى من غير نية أم لا؟ وذكر في «الفوائد الظهيرية» (٩) قيل له في الجواب عنه: إن التيمم الذي وقع النزاع في انتقاضه منوي؛ لأنه لو لم يكن منويًّا لا يتأتى الاختلاف، أو [نقول] (١٠): عدم جواز التيمم للكافر عنده لا لاشتراط النية، [بل] (١١) لأن الشارع جعل التراب طهور المسلم لا طهور الكافر للحديث: «التُّرَابُ طهُورُ المسْلِم» (١٢).


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): «من».
(٣) ساقطة من النسختين، والتثبيت من المبسوط (١/ ١١٦) ليستقيم المعنى.
(٤) المبسوط للسرخسي (١/ ١١٦) باب التيمم.
(٥) من ارتد عن الاسلام-والعياذ بالله- وهو طاهر ثم رجع إليه، هل يستأنف الوضوء، اتفق الفقهاء إلا الإمام أحمد على أنه لا إعادة عليه في الوضوء، وإن كان يتيمم فهو على تَيمُّمِه. انظر: الأوسط في السنن والإجماع والإختلاف (١/ ٢٣٧)، اختلاف الأئمة العلماء (١/ ٥٦).
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، انظر: العناية (١/ ٢٢) باب التيمم، البناية (١/ ٥٤٢) نية التيمم للحدث أو الجنابة.
(٨) في (ب): «من».
(٩) الفوائد الظهيرية في الفتاوى، لظهير الدين، أبي بكر: محمد بن أحمد بن عمر (ت ٦١٩ هـ)، وكشف الظنون (٢/ ١٢٩٨).
(١٠) في (ب): «يقول».
(١١) ساقطة من (ب).
(١٢) عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «التُّرَابُ طُهُور المسْلم ولَو إلى عشْر حِجج مَا لم يَجِدِ الماء» رواه أبو داود في سننه (١/ ٥٣)، والترمذي في سننه (١/ ١٧)، والنسائي في سننه (١/ ٦١)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في نصب الراية (١/ ١٤٨) باب التيمم.