للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

-قوله: (هو الصحيح من المذهب) (١) هذا احتراز عما قال به أبو بكر الرازي (٢) -رحمه الله- فإنه كان يقول: يحتاج إلى نية التيمم للحدث أو للجنابة؛ لأن التيمم لهما بصفة واحدة فلا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالنية، وظاهر ما يقول في الكتاب يدل على أنه يحتاج إلى نية الصلاة، وعن أبي يوسف: أن نية الطهارة تكفي كذا في «المبسوطين» (٣).

(فَإِنْ تَيَمَّمَ نَصْرَانِيٌّ يُرِيدُ بِهِ الإسْلامَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ مُتَيَمِّمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ مُتَيَمِّمٌ) لأنَّهُ نَوَى قُرْبَةً مَقْصُودَةً، بِخِلافِ التَّيَمُّمِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ لأنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ. وَلَهُمَا أَنَّ التُّرَابَ مَا جُعِلَ طَهُورًا إلا فِي حَالِ إرَادَةِ قُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ لا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ، وَالإسْلامُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ تَصِحُّ بِدُونِهَا بِخِلافِ سَجْدَةِ التِّلاوَةِ لأنَّهَا قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ لا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ (وَإِنْ تَوَضَّأَ لا يُرِيدُ بِهِ الإسْلامَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ مُتَوَضِّئٌ) خِلافًا لَلشَّافِعِيِّ -رحِمَهُ الله- بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ.

-قوله: (والإسلام قربة تصح بدونها بخلاف سجدة التلاوة) قلت: في هذا اللفظ إشارة إلى أن الكافر لو نوى قربة بالتيمم لا تصح تلك القربة بدون الطهارة كان متيممًا، وليس الأمر كذلك فإن الكافر إذا تيمم للصلاة ثم أسلم لا تجوز الصلاة بذلك التيمم، نص على هذا شيخ الإسلام في «مبسوطه» (٤)؛ بل المعول في التعليل أن يقال: إن الكافر ليس بأهل النية والتيمم لا يصح بدون النية فلذلك لا يصح منه التيمم.


(١) مذهب الحنفية: أنه لا تشترط النية في الوضوء، فعدم أهلية الكافر لا يضر في طهارته، فإذا توضأ الكافر ثم أسلم فهو على طهارته، انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٩)، شرح فتح القدير (١/ ١٣٢)، البناية (١/ ٥١٩، ٥٢٠) ومذهب الشافعية: أن أهلية النية شرط، وعليه فلا يصح وضوء كافر أصلي ولا غسله على الصحيح، انظر: الوسيط (١/ ٢٤٦)، روضة الطالبين (١/ ٤٧)، المجموع (١/ ٣١٥).
(٢) هو أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، ولد سنة: (٣٠٥ هـ)، أخذ الفقه عن الكرخي
وغيره، وكان إمام الحنفية في عصره، له عدة مصنفات منها، أحكام القرآن -مطبوع- وشرح مختصر الطحاوي، وشرح الجامع الكبير، وغير ذلك، (ت ٣٧٠ هـ) الفوائد البهية (ص ٢٧)، الفهرست (ص ٢٩٣)، طبقات الفقهاء للشيرازي (ص ١٤٤)، تاج التراجم (ص ٦)، البداية والنهاية (١١/ ٣٣٣).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ١١٧) باب التيمم.
(٤) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، انظر: العناية (١/ ٢٢) باب التيمم، البناية (١/ ٥٤٢) نية التيمم للحدث أو الجنابة.