للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «[والحاجة] (١) ماسَّة إليه» (٢)؛ أي: إلى إثبات العقد، ليثبت الطلاق والعتاق بناءً عليه (٣).

«وإن كان الدَّعوى من الجانب الآخر» بأن قال الزوج: طلقتك على ألف وخمسمائة، والمرأة تدعي الألف، وكذلك مولى العبد وولي القصاص إذا ادَّعيا أكثر المالين (٤).

«لأنَّه لا حظ له في الرهن فعريت الشَّهادة عن الدَّعوى» (٥)؛ أي: لا فايدة للراهن في هذه الدَّعوى، لأنَّه ليس له أن يسترد الرهن قبل قضاء الدين، فلما لم تُفد الدَّعوى فائدتها صارت كأنَّها لا دعوى (٦).

وذكر الإمام المحبوبي - رحمه الله - في هذا، وقال: وفي الرهن إذا كان الراهن هو المدَّعى لم تقبل الشَّهادة؛ لأنَّه أقام البيِّنة على حق غيره، فإن الحَقَّ في الرهن للمرتهن دون الراهن، بدليل أنَّ للمرتهن أن يرد الرهن متى شاء، والراهن ليس له ولاية استرداد الرهن متى شاء، فلا يفيد بينة الراهن على إثبات حق الغير (٧).

«وإن كان المدَّعى هو المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين»؛ أي: يقضي بأقل المالين إجماعاً.

فإن قلت: الرهن لا يثبت إلا بإيجاب وقبول؛ فكان عقداً كسائر العقود، فلما كان كذلك كان اختلاف الشَّاهدين فيه في قدر المال كان بمنزلة اختلافهما في البيع [والشراء] (٨) في قدر الثمن، وهناك لا تقبل شهادتهما؛ لاستلزام تكذيب المدَّعى أحد الشَّاهدين، فكذلك ههنا؛ لأنَّ عقد الرهن بألف وخمسمائة غير عقد الرهن بألف، فيجب أن لا يقبل دعوى الرهن، [وإن] (٩) كانت الدَّعوى من المرتهن (١٠).

قلت: لما كان عقد الرهن غير لازم في حق المرتهن؛ لما ذكرنا أن له ولاية الرد متى شاء جعل عقد الرهن في حقه كعدمه، [فكان] (١١) الاعتبار لدعوى الدَّين؛ لأنَّ الرهن لا يكون إلا بعد تقدم الدَّين، فتقبل البيِّنة في حق ثبوت الدين كما في سائر الديون، ويثبت الرهن بالألف ضمناً وتبعاً للدين (١٢). إلى هذا أشار الإمام قاضي خان - رحمه الله -.


(١) في «س»: [الحاجة].
(٢) الهداية (٣/ ١٢٧).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٧).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٧).
(٥) الهداية (٣/ ١٢٧).
(٦) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٨)، العناية شرح الهداية (٧/ ٤٤٩)، مجمع الأنهر (٢/ ٢٠٨).
(٧) ينظر: الكفاية شرح الهداية (٣/ ٣٩١).
(٨) في «س»: [أو الشراء].
(٩) في «ج»: [فإن].
(١٠) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٨).
(١١) في «ج»: [وكان].
(١٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٨).