للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «إلا إذا شهدوا» (١)؛ أي: شهود المدَّعَى عليه على إقرار المدَّعى.

«بذلك»؛ أي: يكون شهودي، أي: المدَّعى أقرَّ بأنَّ شهودي فسقة، حينئذ تقبل شهادة شهود المدَّعَى عليه؛ لأن ذلك يكون في المعنى، بأن المدَّعِى أقرَّ بأنَّه لا حق لي على المدَّعَى عليه، والمرء مؤاخذ بزعمه.

«والاستئجار وإن كان أمراً زايداً» (٢)، هذا جواب سؤال مقدر بأنْ يقال: إنَّ قول المدعى عليه: إن المدَّعى استأجر الشُّهود ليس بجرح مجرد؛ بل فيه إثبات أمر زايد وهو استئجار المدَّعى وهو إثبات لحق المدَّعى، فيثبت في ضمنه الجرح، قلنا: نعم كذلك؛ إلا أنَّ المدعى عليه ليس بنائب عن المدَّعى في إثبات هذا الحق له؛ بل هو أجنبي عنه فبقي جرحاً مجرداً (٣).

فإن قيل: ينبغي أن تقبل شهادة شهود المدعى عليه في هذه الصورة من وجه آخر، وإن كان جرحاً مجرداً، بأنْ يجعل شهود المدَّعَى عليه مزكين لشهود المدَّعى، فشهادة الجارح مقبولة في التَّزكية، وإن كان جرحاً مجرداً، حتى إنَّ شاهدين لو شهدا على العدالة، وشاهدين على الجرح، فالجرح أولى.

قلنا: شهود المدَّعَى عليه [لمَّا] (٤) شهدوا بأنَّ شهود المدَّعى أُجَراءه في الشَّهادة قائلين بأنَّهم شهود زور، وهو نسبة إلى الفسق، فوجب عليهم التعزير فلم يصيروا معدِّلين، والمعدِّلُ في زماننا يُعلم القاضي في السر بفسق الشُّهود احترازاً عن إشاعة الفاحشة، وتفادياً عن التعادي فيما بينهم. وقد ذكرناه في مسائل التزكية.

«ومن شهد ولم يبرح حتى قال: أوهمت بعض شهادتي، فإن كان عدلاً … » (٥)؛ أي: [إن] (٦) كانت عدالته ظاهرةً عند القاضي، وإن لم يكن فسأل عنه فقيل: إنَّه عدل جازت شهادته. كذا في الجامع الصغير البرهاني (٧).


(١) قال في الهداية (٣/ ١٢٥): «ولا يسمع القاضي الشَّهادة على جرح ولا يحكم بذلك … إلا إذا شهدوا على إقرار المدعي بذلك تقبل».
(٢) قال في الهداية (٣/ ١٢٥): «ولو أقام المدعى عليه البينة أنَّ المدعي استأجر الشهود لم تقبل؛ لأنه شهادة على جرح مجرد، والاستئجار، وإن كان أمراً زائداً عليه، فلا خصم في إثباته؛ لأنَّ المدعى عليه في ذلك أجنبي عنه».
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٤).
(٤) في «ج»: [بما].
(٥) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٦) سقط من: «ج».
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٤).