للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا في موضع شبهة التَّلبيس، وهو موضع الزيادة والنقصان.

ففي الذَّخيرة والجامع الصغير للمحبوبي دليل على أنَّه لا يتفاوت ذلك التَّدارك بعد قضاء القاضي أو قبله.

وقال فيهما: روى الحسن بن زياد (١)، عن أبي حنيفة -رحمهما الله- إذا شهد شاهدان لرجل بشهادة، ثم زاد فيها قبل القضاء أو بعده، وقالا: أوهمنا، وهما غير متَّهَمَينٍِ قُبل ذلك منهما.

وروى بشر (٢)، عن أبي يوسف في رجل شهد عند القاضي بشهادة، ثم يجيء بعد ذلك [بيوم] (٣) وقال: شككت في كذا وكذا في شهادتي التي شهدت بها، فإن كان القاضي يعرفه بالصَّلاح قَبِل شهادته فيما بقي، وإذا كان لا يعرفه بالصلاح فهذه تهمة، وإن كان القاضي يعرفه بالصَّلاح والدين، فقال: رجعت عن شهادتي في كذا وكذا من هذا المال غلط في ذلك، أو نسيت، فهو مثل قوله: قد شككت (٤).

وذكر في المغني، وفي نوادر ابن سماعة: عن محمد، إذا شهد الشُّهود بالدار للمدَّعِي، وقضى القاضي بشهادتهم، ثم إن الشُّهود قالوا: لا ندري لمن البناء، فإني لا أُضَمِّنُهُم قيمة البناء؛ كأنَّهم قالوا: قد شككنا في شهادتنا.

وإن قالوا: ليس البناء للمدعي ضمنوا قيمة البناء للمشهود عليه. كذا في المغني (٥).


(١) الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي أبو علي، قاض، فقيه، من أصحاب أبي حنيفة، أخذ عنه وسمع منه، وكان عالماً بمذهبه بالرأي، كان أحد الأذكياء البارعين في الرأي، ولي القضاء بعد حفص بن غياث، ثم عزل نفسه، من كتبه: «أدب القاضي»، و «معاني الإيمان»، و «النفقات»، و «الخراج» وغيرها، نسبته إلى بيع اللؤلؤ، وهو من أهل الكوفة، نزل ببغداد، وعلماء الحديث مجمعون على تضعيفه، كان أبوه من موالي الأنصار، توفي سنة ٢٠٤ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (٩/ ٥٤٤)، الوافي بالوفيات (١٢/ ١٦)، الجواهر المضية (١/ ١٩٠)، الأعلام (٢/ ١٩١).
(٢) بشر بن الوليد بن خالد بن الوليد الكندي، القاضي، أحد الأعلام، سمع عبد الرحمن بن حنظلة، ومالك بن أنس، وهو أحد أصحاب أبي يوسف خاصة، وعنه أخذ الفقه، كان متحاملاً على محمد بن الحسن متحرفاً عنه، وكان جميل المذهب حسن الطريقة صالحاً ديناً عابداً واسع الفقه، حمل الناس عنه من الفقه والنَّوادر والمسائل ما لا يمكن جمعها كثرة، وكان متقدماً عند أبي يوسف وروى عنه كتبه وأماليه، توفي سنة ٢٨٣ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٧٣)، الجواهر المضية (١/ ١٦٦).
(٣) سقط من: «ج».
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٤٤٣).
(٥) المحيط البرهاني (٨/ ٤٤٤).