للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الخلط غير موصى به، هذا جواب سؤال مقدّر ذكر ذلك السؤال في الفوائد الظهيرية (١) وقال:

فإن قيل: الخلط حصل بإذن المشتري فينبغي أن لا ينتقض البيع، قلنا: إن الخلط على هذا الوجه لم قلت بأن (٢) حصل بإذن المشتري، بل الخلط على وجه يصير الآمر قابضاً (٣) حصل بإذنه وهو ما إذا بدا العين.

وجعل الإمام قاضي خان -رحمه الله- (٤) ما ذكر من جواب الكتاب قول محمد فقال: وفي قول أبي يوسف: إذا كال (٥) الدين أولاً ثم كال العين بعده صار قابضاً للدين ضرورة اتصاله بملكه، كما لو كال العين أولاً ثم الدين، وعند محمد إن كال العين أولاً يصير قابضاً لهما، وإن كال الدين أولاً يصير قابضاً للعين دون الدين؛ لأنه لما كال الدين أولاً لم يملكه المشتري، وبقي على ملك البائع، وصار مستعيراً من المشتري، فإذا كال العين بعده فقد خلط البائع ملك المشتري بملك نفسه فلا يبرأ عن الدين، وإنما يصير قابضاً العين في هذه الصورة؛ لأنه بالخلط صار مستهلكًا للعين بإذنه، بخلاف الصورة الأولى؛ لأنه لما (٦) كال (٧) العين أولاً صار العين مسلمًا إلى المشتري، فإذا كال (٨) الدين بعده فقد خلط الدين بملك المشتري فيصير المشتري قابضاً.

كما لو استقرض كراً من طعام وأمر المقبوض (٩) بأن يزرعها، فزرع يصير المستقرض قابضاً.

وكمن دفع إلى صائغ خاتمًا، يعني لو دفع خاتمًا أو ديناراً إلى صائغ، وأمره بأن يزيد من عنده نصف دينار، ويصوغ له [ذلك] (١٠) حلياً بذلك، جاز ويصير قابضاً للنصف بحكم اتصاله بملكه.

فإن قيل: يشكل هذا بالصباغ، فإنه إذا صبغ الثوب بعدما استؤجر عليه، فالمستأجر وهو صاحب الثوب لا يصير قابضاً مع وجود مثل هذا الاتصال، فلم صار قابضاً فيما نحن فيه باعتباره.

قلنا: المعقود عليه في الإجارة الفعل، وهو الصبغ لا العين، وهو الصنع؛ لأن العين لا يستحق على (١١) الأجر (١٢) بعقد الإجارة، والفعل أعني به الصبغ لا يجاوز الفاعل ولا يتعداه؛ لأنه من قبيل الإعراض، والإعراض لا انتقال لها عن محالها فلم يكن المعقود عليه متصلاً بالثوب، فلا يصير قابضاً.


(١) العناية شرح الهداية (٧/ ١٠٧).
(٢) في (ت): بأنه.
(٣) في (ت): فأيضا.
(٤) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٥/ ٤٤٩).
(٥) في (ت): كان.
(٦) في (ت): إذا.
(٧) في (ت): كان.
(٨) في (ت): كان.
(٩) في (ت): المقرض.
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) في (ت): به.
(١٢) في (ت): العقد.