للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلنا: الإهاب (١) اسم للجلد الذي لم يدبغ كذا قاله الأصمعي.

والدليل عليه أيضًا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تخطب وتمدح أباها فقالت: -رحم الله- أبا بكر قرر الرءوس على كواهلها، والدماء في أهبها. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٢). وذكر في «الفائق»: إنما سمي إهابًا لأنه «أهب للحي وبناء للحماية له على جسده كما يقال له المسك لإمساكه ما وراءه» (٣)، فإذا دبغ يسمى أديمًا (٤) أو صرمًا أوجرابًا فحينئذٍ لا معارضة بين الحديثين؛ إذ التعارض يقتضي اتحاد المحل مع اتحاد حالته واختلاف الحالة فبقي التعارض، وإن كان أصلها واحدًا كحرمة الخمر وحل الخل (٥).

وَحُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ -رحِمَهُ الله- فِي جِلْدِ الْكَلْبِ وَلَيْسَ الْكَلْبُ بِنَجِسِ الْعَيْنِ

-قوله -رحمه الله-: (وحجة على الشافعي في جلد الكلب) وليس في تخصيص الكلب زيادة فائدة لما أن عنده كل «ما لا يؤكل لحمه لا يطهر جلده بالدباغة، وقاس بجلد الخنزير والآدمي.

ولنا: عموم الحديث المذكور في الكتاب.

وما ظهر من لباس الناس كجلد الثعلب والفنك والسمور (٦) ونحوها في الصلاة وغيرها من غير نكير ينكر يدل على طهارته بالدباغ، كذا ذكر في باب الحدث من «المبسوط» (٧)، ولكن ذكر في «الأسرار» (٨) ما يوافق لتخصيص «الهداية» حيث قال بطهارة جلود السباع بالدباغة سوى الكلب والخنزير عند الشافعي على ما يجيء في بيان الآسار (٩).


(١) الأهاب: الجلد، وقيل إنما يقال للجلد أهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا، النهاية (١/ ٨٣)، مجمل اللغة (١/ ١٠٥)، لسان العرب (١/ ٢١٧) الصحاح (١/ ٨٩) المغرب (١/ ٥٠).
(٢) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، وفي الفائق نحوه (٢/ ١١٣).
(٣) الفائق (١/ ٦٧).
(٤) الأديم: الجلد ما كان، وقيل: الأحمر، وقيل المدبوغ لسان العرب (١٢/ ٩). المصباح المنير ص (٩). المغرب (١/ ٣٣).
(٥) انظر في مذهب الأحناف: مختصر الطحاوي ص (١٧)، تحفة الفقهاء (١/ ٧١)، بدائع الصنائع (١/ ٨٥)، إيثار الإنصاف في آثار الخلاف ص (٤٧، ٤٨)، شرح فتح القدير (١/ ٩٢ - ٩٤)، رد المحتار (١/ ٢٠٣).
(٦) الثعلب: معروف والأنثى ثعلبة والجمع ثعالب وأثعل، حياة الحيوان (١/ ٢٥٢) الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو، حياة الحيوان (٢/ ٣٠٥). السمور: وهو بفتح السين وبالميم المشدودة المضمومة، حيوان بري يشبه السنور وزعم بعض الناس أنه النمس، حياة الحيوان (٢/ ٤٦) للدميري (ت ٨٠٨ هـ)، الناشر: دار الكتب- بيروت الطبعة الثانية ١٤٢٤ هـ.
(٧) المبسوط (١/ ٢٠٢).
(٨) انظر: الأسرار ص (٣٠٦ - ٣١٤).
(٩) في (أ) «الأنباء» والتصويب من (ب).