للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض الناس (١): إن كان جلد ما يؤكل لحمه يطهر بالدباغ لحديث ميمونة -رضي الله عنها- وهو ما روي عن رسول الله -عليه السلام-: أنه مر بشاة لميمونة فقال: «هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا». فقيل: إنها ميتة. فقال: «إِنَّمَا حَرُمَ من الميتة أَكْلُهَا» (٢).

وإن كان جلد ما لا يؤكل لحمه لا يطهر بالدباغ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وجعل هذا القول قول الشافعي (٣) في «مبسوط شمس الأئمة السرخسي» (٤).

واستدل مالك بحديث عبد الله بن عكيم الليثي قال: أتانا كتاب رسول الله -عليه السلام- قبل موته بسبعة أيام. وفي رواية: بشهر أو شهرين. وكان فيه: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ» (٥).


(١) يقصد مذهب الشافعية وسوف يأتي.
(٢) الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: تصدق على مولاة لميمونة -رضي الله عنها- بشاه فماتت فمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا فدبغتموه فانتفعتم به» فقالوا: إنها ميتة، فقال: «إنما حرم أكلها» رواه البخاري (٣/ ٣٥٥) (١٤٩٢) كتاب الزكاة، باب الصدقة على موالي أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورواه مسلم (٤/ ٥١) كتاب الطهارة، باب طهور جلود الميتة بالدباغ.
(٣) مذهب الشافعية: أنه يطهر بالدباغ كل جلد من مأكول اللحم وغيره إلا جلد كلب، أو خنزير، وفرعهما، فإنه لا يطهر قطعاً، انظر: الوسيط في المذهب (١/ ٢٢٩، ٢٣٠)، روضة الطالبين (١/ ٤١) المهذب مع المجموع (١/ ٢١٤ - ٢١٧).
(٤) المبسوط (١/ ٢٠٢).
(٥) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة (٤/ ٣٧٠، ٣٧١)، ورواه الترمزي في سننه، كتاب اللباس، باب ما ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت (٤/ ٢٢٢) (١٧٢٩) وقال هذا حديث حسن. ورواه ابن ماجة في سننه، كتاب اللباس، باب من قال لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب (٢/ ١١٩٤) (٣٦١٣)، ورواه النسائي في سننه، كتاب الفرع والعتيرة باب ما يدبغ به من جلود الميتة (٧/ ١٥٤، ١٥٥)، ورواه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة، باب في جلود الميتة (١/ ١٤)، ورواه أحمد في مسنده (٤/ ٣١١).
وقد أعل الحديث بأمور ثلاثة:
الاضطراب في سنده، الاضطراب في متنه، الاختلاف في صحبة عبد الله بن عكيم.
قال البيهقي وغيره: لا صحبة له، فهو مرسل نقله الزيلعي عن النووي نصب الراية (١/ ١٢٠ - ١٢٢)، التلخيص الجبير (١/ ٤٦ - ٤٨)، الاعتبار بالناسخ والمنسوخ من الآثار ص ١١٦ - ١١٨، المجموع (١/ ٢٧٦ - ٢٧٧) ونيل الأوطار (١/ ١٠٥) والله أعلم.