للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-قوله: (حتى حل المذكى) لانعدام الدم فيه.

فإن قلت: إثبات الحل بزوال الدم منقوص طردًا وعكسًا:

أما الطرد: ففي صورة ذبح المجوسي فإنه زال الدم ولم يحل المذكى.

وأما العكس: ففي صورة ذبح المسلم الشاة بالتسمية التي هي معلوم حياتها يقينًا ولم يسل الدم بعارض بأن أكلت ورق العناب فإنها تحل مع أن الدم لم يزل.

قلت: أما ذبيحة المجوسي فإنها ملحقة بالمنخنقة لعدم أهلية الذابح؛ لأن صاحب الشرع أخرجه عن كونه أهلاً للذبح بقوله -عليه السلام-: «سنُّوا بهم سنَّة أهْلَ الكتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» (١).

والحكم تعلق بالسبب المريق وهو الزكاة الشرعية لما بنفس الإراقة فسقطت الإراقة فيه، ودار الحكم مع سببها تيسيرًا علينا كما في السفر مع المشقة والنوم مع الحدث.

وأما ذبيحة المسلم فلأهلية الذابح واستعمال آلة الذبح جعل الدم كأنه سال شرعًا لإتيانه بما هو المأمور به شرعًا، وربما لا يريق بعارض كما ذكرت فلا تعتبر العوارض؛ إذ هي لا تدخل تحت القواعد فكان الاعتبار للأصل وهو الإراقة من [الأصل] (٢) كما أن الأصل في السفر هو المشقة عادةً، وربما لا توجد المشقة لعارض فلا يعتبر العارض فيجعل كأن المشقة قد وجدت حتى عمل عمل السفر [الذي] (٣) وجدت فيه المشقة في إثبات الرخصة كذلك ها هنا.

-قوله: (ولأن المنجس اختلاط الدم المسفوح بأجزائه عند الموت) ولهذا قلنا: إن المصلي إذا [استصحب] (٤) فأرةً أو عصفورةً [حية] (٥) لم تفسد صلاته ولو كانت نجسة لفسدت، ولو ماتت حتف أنفها فاستصحبها [فسدت] (٦)، والسمكة لو استصحبها في


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٨٩) كتاب الجزية، باب المجوس أهل كتاب والجزية تؤخذ منهم، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ (١/ ٢٧٨) حديث ٤٢، كتاب الجزية، باب جزية أهل الكتاب والمجوس. وقد ضعف هذا الحديث محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي (ت ٧٤٤ هـ) في كتابه رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة (ص ٤٦) تحقيق العباسي الناشر: دار الهدى ط ٢/ ١٤٠٤ هـ.
(٢) في (أ): «الأهل» والتصويب من (ب).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): «استصحبت».
(٥) في (ب): «أو حية».
(٦) ساقطة من (ب).