للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاته لا تفسد [صلاته] (١) ميتةً كانت أو حيةً؛ لأنه لا دم [لها] (٢).

ولا يقال: إن الدموي من الحيوانات كما يشتمل على الدم بعد الموت فكذلك يشتمل على الدم قبل الموت، فلو كان المنجس هو الدم لكان الدموي من الحيوانات نجسًا على تقديري الموت والحياة؛ لأنا نقول: الدموي من الحيوانات قبل الموت وإن كان يشتمل على الدم ولكن الدم الذي يشتمل عليه قبل الموت في معدنه [ومظانه] (٣)، والدماء بعد الموت تنصب عن مجاريها فلا يبقى في معادنها فيتنجس [اللحم] (٤) بتشربه إياها، ولهذا لو قطعت العروق بعد الموت لا يسيل منها الدم، كذا في «الفوائد الظهيرية».

قَالَ (وَمَوْتُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فِيهِ لا يُفْسِدُهُ كَالسَّمَكِ وَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رحِمَهُ الله-: يُفْسِدُهُ إلا السَّمَكُ لِمَا مَرَّ. وَلَنَا أَنَّهُ مَاتَ فِي مَعْدِنِهِ فَلا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ كَبَيْضَةٍ حَالَ مُحُّهَا دَمًا، وَلأنَّهُ لا دَمَ فِيهَا، إذْ الدَّمَوِيُّ لا يَسْكُنُ الْمَاءَ وَالدَّمُ هُوَ الْمُنَجِّسُ، وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ لِانْعِدَامِ الْمَعْدِنِ. وَقِيلَ لا يُفْسِدُهُ لِعَدَمِ الدَّمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.)

-قوله: (وموت ما يعيش في الماء فيه) قوله: «في الماء» ظرف ليعيش، وقوله: «فيه» طرف الموت.

-قوله: (لما مر) إشارة إلى قوله: لأن التحريم لا بطريق الكرامة. يعني أن الضفدع والسرطان لما حرم أكلهما مع صلاحيتهما دل على نجاستهما (٥).

-قوله: (كبيضة حَالَ مُحّها دمًا) أي: تغير صفرتها دمًا، يعني لو صلى وفي كمه تلك البيضة يجوز الصلاة معها؛ لأن النجاسة في [محلها] (٦) بخلاف ما إذا صلى وفي كمه قارورة وفيها دمٌ لا تجوز صلاته؛ لأن النجاسة ليست في معدنها.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): «مكانه».
(٤) في (ب): «الدم».
(٥) انظر: في مذهب الأحناف: شرح فتح القدير (١/ ٨٣)، البناية شرح الهداية (١/ ٣٤٠).
ومذهب الشافعية: قال النووي في الروضة: وأما الميتات، فكلها نجسة، إلا السمك والجراد، فإنهما طاهران بالإجماع»، وقال: «وأما النجاسة الجامدة، كالميتة، فإن غيرت الماء، نجسته، وإن لم تغيره، فتارة تقف، وتارة تجري مع الماء، فإن جرت جرية، فما قبلها وما بعدها طاهران. وما على يمينها وشمالها وفوقها وتحتها، إن كان قليلا، فنجس، وإن كان قلتين، فقيل: طاهر، وقيل: على قولي التباعد» انظر: روضة الطالبين (١/ ١٣ - ٢٦).
(٦) في (ب): «معدنها».