للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فبعد هذا يحتاج إلى معرفة ستة أشياء، وهي: سبب وجوب العدّة وشرطها وركنها ومحظوراتها وحكمها وما تقدّر به مدتها.

أمّا سببها فهو عندنا [نكاح] (١) متأكد بالتّسليم أو ما يجري مجراه.

وعند الشّافعي السّبب هو الماء في فرق الحياة (٢).

ويبتني على هذا مسألة الخلوة الصحيحة هل هي موجبة للعدّة أم لا؟.

وأمّا شرطها فالفرقة سواء كانت بطلاق أو غيره؛ إذ لو كانت سبباً لما اختلف وجوب العدّة بين الدخول وعدمه، فكان قولنا: عدّة الطلاق إضافة الحكم إلى شرطه، كما في صدقة الفطر.

وأمّا ركنها فحرمات ثابتة إلى أجل ينقضي والكف عن هتكها يجب احترازاً عن الوقوع في الحرمة لا أنّه ركن العدّة.

وقال الشّافعي -رحمه الله-: الركن هو كفّ المرأة نفسها عن أفعال محظورة عليها (٣).

ويبنى على هذا مسألة: أن العدّتين إذا وجبتا من رجلين هل يتداخلان وينقضيان بمضيّ مدّة واحدة أم لا؟

وأمّا محظوراتها في المبانة والمتوفى عنها زوجها فالزينة والتطيّب خصوصاً والخروج عن البيت عمومًا.

وأمّا حكمها فعدم جواز نكاح الغير ونكاح أختها وأربع سواها وما يجري مجراه.

وأمّا ما تقدّر به مدتها أجمعوا على أن التربص مأمور به في العدّة.

ثم اختلفوا فيما ينقضي به التربص، فعندنا التربص ينقضي بثلاث حيض، وعند الشّافعي بثلاثة أطهار (٤).

هذه فوائد مجموعة من أسرار القاضي الإمام المدقق أبي زيد الدبوسي -رحمه الله- (٥).

وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، ولم يذكر قوله: أو رجعيًّا في بعض النسخ، فلابدّ من ذكره، ثم لم يذكر الدخول في الطلاق، ولم يقل: إذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول، مع أن عدّة الطلاق لا يجب إلا بعد الدخول بناء على ما هو الأصل في النكاح، وهو الدخول؛ ولأن وجوب العدة من الفرقة في حالة الحياة، وإنّما كان بعد الدخول لا قبله وهو ظاهر فاستغنى بظهوره عن ذكره.


(١) سقطت من (ب).
(٢) ينظر: النجم الوهاج في شرح المنهاج (٨/ ١٧٢).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير (١١/ ٢٢١).
(٤) ينظر: اللباب في الفقه الشافعي (ص: ٣٤٠)
(٥) عبد الله بن عمربن عيسى، أبو زيد: أول من وضع علم الخلاف وأبرزه إلى الوجود، كان فقيها باحثا، نسبته إلى دبوسية (بين بخارى وسمرقند) من كتبه " تأسيس النظر" في ما اختلف به الفقهاء أبو حنيفة وصاحباه ومالك الشافعيّ، و " الأسرار "في الأصول والفروع، عند الحنيفة، و " تقويم الأدلة" في الأصول، توفي سنة ٤٣٠ هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (٤/ ١٠٩)