للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لكن المرأة في هذه الصّورة وهي التي طلّقها قبل الدّخول وقد سمّى لها مهراً أخذت نصف المهر وهو لها متعة مع أنّ الطّلاق فسخ في هذه الحالة لعود مالها إليها سالمًا كان ينبغي أن لا يجب عليه نصف المهر كما في فسخ البيع لكن الشّارع أوجب عليه لها نصف المهر بطريق المتعة وهي لا تتكرّر فلا تجب المتعة لهذه المرأة خاصة وتجب لغيرها من المطلقات لما ذكرنا من جبر الإيحاش في المفوضة بكسر الواو أي في المرأة التي فوضت نفسها من غير مهر إلى الزّوج وبيان هذا لأنّ الله تعالى ما شرع النكاح إلا بالمال لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (١)، والباء للإلصاق فلا ينفك الملصق وهو المال عن الملصق به وهو الانتفاء أي انتفاء النكاح فكان وجوب المال عليه عوضاً عما يملك من البضع ثم لما سقط مهر المثل ههنا وجبت المتعة فكان وجوبها بطريق الحلفية عن مهر المثل لأنّه هو الموجب الأصلي والحلف لا يجتمع مع الأصل وجوباً وإنّما يجمع معه استحباباً لأنّها مبرّة وإحسان فلمّا لم يجمع مع الأصل لم يجتمع وجوباً معه لا عند وجوب كل المفروض كما إذا كان بعد الدّخول.

والتّسمية ولا عند وجوب نصف المفروض كما إذا كان قبل الدّخول وبعد التّسمية وهو معنى قوله لا يجامع الأصل ولا شيئاً منه.

قوله: -رحمه الله- وَهُوَ غَيْرُ جَانٍ فِي الْإِيحَاشِ (٢) هذا جواب عن حرف الخصم وهو قوله أوحشها بالفراق لأنّه فعل ما فعله بإذن الشّرع فلا تلحقه الغرامة فيما فعله بإذن الشّرع حتى يقال بوجوب المتعة فبقية المتعة مستحبة لكلّ مطلقة لا واجبة.

بخلاف ما يقوله الخصم بالوجوب وإذا زوّج الرجل بنته على أن يزوج الزّوج بنته أو أخته أو أمته ليكون أحد العقدين عوضاً عن الآخر [وشرطا] (٣) شرطًا صريحًا بأن قال على أن يكون مهر كلّ واحد منهما نكاح الأخرى.

فإنّ النكاح بهذه الصّفة يجوز عندنا ولكلّ واحد منهما مهر مثلها ويسمّى هذا النكاح نكاح الشغار من قولهم شغروا فلانًا عن بلده إذا نفوه وطردوه (٤) لما أنّه عقد نفي عنه المهر وعن ابن فارس (٥) التّركيب يدل على الخلو كذا في المغرب (٦) المهمل الغين.


(١) سورة النساء من الآية: ٢٤.
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٤٩٥).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) يُنْظَر: مقايس اللغة (٣/ ١٩٧).
(٥) ابن فارس: هو أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني المعروف بالرازيّ، أبو الحسين: العلامة اللغوي المحدث. أصله من قزوين، نزيل همذان، ثم انتقل إلى الريّ، ولد سنة (٣٢٩ هـ)، ومات سنة (٣٩ هـ)، وله تصانيف منها (المُجْمَل في اللغة)، (مقاييس اللغة) وغيرهما.
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (١٢/ ٥٣٨)، الأعلام (١/ ١٩٣).
(٦) يُنْظَر: المغرب (١/ ٢٥٢).