للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الجواب عن الاشتباه الواقع في المستثنى منه فإنّه لما بيّن من تجب لها المتعة مرّة أراد بالكلّ المذكور ههنا غير تلك إذ لو كانت هي داخلة ههنا أيضاً يلزم تكرار حكمها ذكراً من غير فائدة فكان تقدير الكلام ويستحب المتعة لكلّ مطلقة سوى التي ذكرنا حكمها أنّ المتعة واجبة لها إلا التي طلقها قبل الدّخول وقد سمّى لها مهراً فكان قوله إلا التي طلّقها استثناء عن قوله لكلّ مطلقة لا عن قوله سوى التي ذكرنا حكمها لأنّه لا يصح الاستثناء لأنّ استثناء الواحد عن الواحد لا يصحّ فكان مستثنى عن قوله لكلّ مطلقة ضرورة لكن بعد خروج المذكورة أولاً عن اسم الكل لذكرها مرّة وقال بعضهم في التّصحيح جاز أن يريد بالاستحباب الوجوب مجازاً حتّى يدخل تلك المذكورة سابقاً في اسم الكلّ أيضاً كما يراد بالوجوب الفرض.

قلت: هذا لا يصحّ لأنّه حينئذ يلزم أن يتناول لفظ الاستحباب للوجوب والاستحباب في لفظ واحد فكان جمعًا بين الحقيقة والمجاز بل الوجه ما قلنا وذكر الإمام بدر الدّين [الكردي] (١) -رحمه الله- وحاصله أن المطلقات أربعة مطلقة قبل الدّخول والتّسمية وهي التي يجب لها المتعة ومطلقة بعد الدّخول وقد سمّى لها مهراً ومطلقة بعد الدّخول فلم يسمّ لها مهراً فيستحب المتعة لهما ومطلّقة قبل الدّخول بعد التّسمية وهي التي لا يستحب لها المتعة ولا يجب على اختيار القدوري وصاحب التحفة (٢) خلافاً لشمس الأئمة ونجم الدّين-رحمهم الله- لأن ما أخذت من نصف الصّداق قائم مقام المتعة.

وأمّا الجواب عن قول الشّافعي -رحمه الله- بأنّ في وجوب المتعة لهذه المذكورة المستثناة وهي التي طلقها قبل الدّخول وقد سمّى لها مهراً قولين له وأصحّ القولين ما هو المذكور في الكتاب فكان المذكور في الحصر واقعًا على القول الآخر له.

وإنّما قلنا أنّ المذكور في الكتاب أصحّ قوليه لأنّه ذكر في الخلاصة الغزالية (٣).

فقال فإن طلّقها قبل المسيس وبعد التّسمية أو الفرض فحسبها نصف المهر بنصّ القرآن وهو الصّحيح.

قوله: -رحمه الله- لِأَنَّهَا وَجَبَتْ صِلَةً مِنْ الزَّوْجِ (٤) هذا دليل قوله تجب لكل مطلقة وبقوله صلة يحترز عن قولنا بأنّ المهر عوض والمتعة خلف عنه لأنّه أوحشها بالفراق فتجب المتعة لكلّ مطلقة جبراً لإيحاشها بالطّلاق وتداركًا لإذاقته إيّاها مرارة الفراق.


(١) وفي (ب): (الكرخي).
(٢) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٣٦٦).
(٣) قال رِياض زَادَه: الخلاصة الغزالية لعبد الْجَبَّار فِي الْإِحْيَاء. يُنْظَر: أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون (١/ ١٤٣).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٤٩٤).