للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا تزوّج امرأة في عدة أختها من طلاق بائن فإنّه لا يجوز بالإجماع فما جوابها عن تلك المسألة.

قلت: إنهما يقولان إنّ المحرم هناك الجمع فإذا تزوّجها في عدة أختها صار جامعًا بينهما في حقوق النكاح فلا يجوز، وأمّا هذا المنع فليس لأجل الجمع فإنّه لو تزوّج الأمة ثم الحرّة صحّ نكاحهما ولكن المنع من تزوّج الأمة على الحرّة إدخال ناقصة الحال في مزاحمة كاملة الحال وهذا لا يوجد بعد البينونة (١) أو نقول إنّما حرم نكاح الأمة على الحرة ليظهر تنصيف حالها في باب النكاح في مقابلة نكاح الحرة على ما ذكرنا فلا يثبت حكم هذا التنصيف حال الخلوّ عن مقابلة نكاح الحرة ونكاح الحرّة مزايل بالإبانة لأن بعد الفرقة لم يبق بينه وبينها نكاح فلا يكون متزوجًا عليها كما لو كانت الحرة تفيد من نكاح فاسد أو وطئ بشبهة فتزوج أمه يجوز وأبو حنيفة -رحمه الله-يقول المنع من نكاح الأمة يثبت بنكاح الحرّة وكلّ منع ثبت بسبب النكاح يبقى ببقاء العدة كالمنع من نكاح الأخت والأربع وهذا لأنّ العدّة حق من حقوق النكاح وحق الشيء كنفس ذلك الشيء في إبقاء الحرمة ونكاح الأمة إنّما لا يجوز بعد الحرّة لأنّها محرمة في هذه الحالة فتبقى تلك الحرمة بقاعدتها فإنّها محرمة مضمومة إلى الحرة وفي هذا نوع ضم في فراش النكاح فأمّا إذا كانت الحرّة معتد من نكاح فاسد فقد قيل أن ذلك قولهما (٢).

فأمّا عند أَبِي حَنِيفَةَ –رحمه الله- فلا يجوز وبعد التّسليم يقول: هناك المنع لم يكن ثابتًا بالنكاح الفاسد (٣) حتّى يقال يبقى ببقاء العدّة وإنّما يعتبر في العدّة ما صار معتبراً في أصل النكاح والنكاح الفاسد ضعيف/ في أصله فلم يعمل بمقابلة الصّحيح كذا في الْمَبْسُوطِ (٤) والأسرار لأنّ المقصود أن لا يدخل غيرها في قسمها ولم يدخل فلا يحنث والتّنصيص على العدد يمنع الزّيادة عليه.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢١٢).
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١١٧).
(٣) النكاح الفاسد: هو ما ورد الشرع بتحريمه، أو اختل ركن من أركانه. كنكاح المُحِرِم، والمحلَّل، وكالنكاح بلا ولي ولا شهود. والفاسد والباطل لفظان مترادفان مدلولهما واحد عند غير الحنفية إذ الحنفية يقولون إن الباطل: ما لم يشرع بأصله، ولا بوصفه، والفاسد ما شرع بأصله ومنع بوْصفه، إلاّ أنهم في النكاح يوافقون الجمهور وترادف الباطل والفاسد.
ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص ٣٣٧)، رد المحتار (٣/ ١٣١)، وشرح حدود ابن عرفة (٢/ ٣٧٧)، وحاشية الدسوقي (٢/ ٢٣٩)، والإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٣١)، والمطلع على أبواب المقنع (ص ٢٧٦).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١١٧).