للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نصّ في كتاب الحدود أن من طلق امرأته ثلاثاً ثمّ وطئها في العدّة يجب عليه الحدّ إذا لم يدّع الشبهة فصار في حقّ وجوب الحدّ بوطء المطلّقة الثّلاث في العدة روايتان وجه رواية كتاب الطّلاق هو أنّ النكاح قائم من وجه ما دامت العدّة باقية فكفى ذلك شبهة لدرء الحد ووجه رواية كتاب الطلاق هو أنّ النكاح قائم من وجه مادامت العدّة باقية فكفى ذلك شبهة لدرء الحد ووجه رواية كتاب الحدود هو أنّ الحل ينفي من كل وجه بدليل مقطوع به فلا يصير شبهة لأنّ النكاح قائم في الاختصاص إمساكًا لا استمتاعاً بوجه من الوجوه فصار في حق ما يرجع إلى الحلّ هي وسائر الأجنبيات سواء كذا ذكره فخر الإسلام -رحمه الله- في الْمَبْسُوطِ (١) وذكر في الْمَبْسُوطِ (٢)، وإذا ثبت أن العدّة حق من حقوق النكاح لما لحق بعمل عمل الحقيقة في إثبات الحرمة، ألا ترى أنّ الحق في جانبها جعل كحقيقة النكاح في المنع من التزوّج فكذلك في جانبه، ثم الحدّ كما يلزمه إذا وطئها يلزمها الحد إذا مكنت نفسها منه ولا يدل ذلك على زوال المنع في جانبها فكذلك في جانبه ولا يتزوج المولى أمته ولا المرأة عبدها وعلى قول نفات القياس يجوز واستدلّوا بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (٣) وقوله تعالى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (٤) وحجتنا قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (٥) فإنّما خاطب الله تعالى المولى بإنكاح الإماء لانكاحهن، ولأنّ العبد إذا تزوج مولاته فهو يستوجب عليها النّفقة بملك اليمين وهي تستوجب عليه النّفقة بالنكاح فيتقاصان ويموتان جوعًا، وفي هذا من الفساد ما لا يخفى والحرّ إذا تزوّج أمته فهذا العقد غير مفيد؛ لأنّ موجب النكاح ملك الحل وملك الحلّ ثابت له تبعًا لملك الرقبة كذا في الْمَبْسُوطِ (٦) لأنّ النكاح ما شرع إلا مثمراً ثمرات مشتركة بين المتناكحين يعني كما يجب للزّوج على الزّوجة حق يقتضي مالكية الزّوج عليها وهو ظاهر نحو طلب تمكينها منها في الوطء ودواعيه شرعًا بغير اختيارها والمنع عن البروز والخروج والتحصين فكذلك يجب عليه حق يقتضي مالكيتها عليه نحو طلب النفقة [جبراً والسكنى] (٧) والقسم والمنع عن العزل والقيام في أمورها الرّاجعة إلى الزّوجية فلذلك وقع مشتركًا ما وقع من موجبات النكاح نحو المجامعة والمعانقة والولد لوجود المالكية من الطّرفين كما ذكرنا والمملوكية تنافي المالكية أصلاً فلذلك لا يتحقق النكاح مع المملوكية للتنافي على ما ذكرنا من إشارة الأسرار إلى هذا المعنى في النكاح بلفظ الهبة.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠٨).
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠٨).
(٣) سورة النساء من الآية: ٣.
(٤) سورة النساء من الآية: ٢٥.
(٥) سورة النور من الآية: ٣٢.
(٦) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٢٩).
(٧) ساقط من (ب).