للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله والصّحيح أنّه لا يوجبها احتراز عن اختيار بعض المشايخ فإنّهم قالوا بثبوت حرمة المصاهرة بالمس وإن اتّصل به الإنزال.

ووجه ذلك ظاهر فإنّ بمجرّد المسّ بشهوة تثبت حرمة المصاهرة عندنا فهذه الزيادة وإن كانت لا توجب زيادة حرمة لا توجب خللاً فيها والذي اختاره في الكتاب (١) اختيار شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السرخسي (٢)، وفخر الإسلام (٣) علي البزدوي -رحمهما الله- وقد نصّ مُحَمَّد -رحمه الله- في أن الجماع في الدّبر لا يثبت حرمة المصاهرة وكذا النّظر إلى موضع الجماع من الدبر بشهوة في باب إتيان المرأة في غير مأتيها من الزيادات وهذا أصحّ لأنّ المسّ المجرّد والنّظر المجرّد.

إنّما يوجب حرمة المصاهرة لكونه سبباً للوطء الذي هو سبب للحرمة وباتّصال الإنزال تبيّن أنّ ذلك المسّ لم يكن بهذه الصّفة، فلا يثبت به حرمة المصاهرة كذا في الذّخيرة (٤) والتتمة (٥).

ولهذا يعلم أن معنى قولهم أنّ حرمة المصاهرة لا تثبت بالمسّ عند الإنزال هو أنّ حرمة المصاهرة عند ابتداء المسّ عن شهوة كان أمراً موقوفاً أنّه هل يتصل به الإنزال أم لا فإن اتّصل فلا يثبت وإن لم يتّصل فيثبت لا أن يكون معناه أنّ حرمة المصاهرة تثبت/ بالمسّ ثمّ بالإنزال سقط ما ثبت من الحرمة لأنّ حرمة المصاهرة إذا ثبتت لا تسقط أبدًا.

وقال الشافعي -رحمه الله- (٦) إن كانت العدة عن طلاق بائن أو ثلاث يجوز والطّلاق البائن الذي هو دون الثلاث على قول الشّافعي -رحمه الله- إنما يكون في الطّلاق على مال لا غير لما أنّ الكتابان عنده رواجع والخلع فسخ وليس بطلاق فتعيّن هذا كالنّفقة والمنع والفراش والمعنى من الفراش هو ضرورة (٧) المرأة بحال لو جاءت بولد يثبت النّسب منه وهذا كذلك ما دامت العدّة والحد لا يجب على إشارة كتاب الطّلاق وعلى عبارة كتاب الحدود يجب وصورة ما ذكر في كتاب الطّلاق معتدة عن طلاق ثلاث جاءت بولد لأكثر من سنتين من يوم طلقها زوجها لم يكن الولد للزّوج إذا أنكره ففي قوله لا يثبت نسبه منه إذا أنكره دليل على أنّه لو ادّعى يثبت نسبه منه ففيه إشارة إلى أنّ الوطء في العدّة من طلاق ثلاث لا يكون [زنى] (٨) إذ لو كان زنى لا يثبت به النّسب وإن ادّعى.


(١) يقصد بالكتاب كتاب الهداية شرح البداية للمرغيناني رحمه الله.
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٠٧).
(٣) هو: علي بن مُحَمَّد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد البزدوي، أبو الحسن، فَخْرُ الْإِسْلَام. فقيه، أصولي، محدث، مفسر. ولد في حدود سنة ٤٠٠ هـ وتوفي سنة ٤٨٢ هـ، ودفن بسمرقند، من تصانيفه: الْمَبْسُوطِ، شرح الجامع الكبير للشيباني في فروع الفقه الحنفي.
يُنْظَر: معجم المؤلفين (٧/ ١٩٢)، الطبقات السنية (ص ٢٣٨)، (تاج التراجم (ص ١٤)، سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (١٨/ ٦٠٣).
(٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٦٣).
(٥) التتمة في الفتاوى؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة البخاري المتوفى سنة (٦١٦ هـ) والتتمة كتابٌ جمع فيه مصنفه ما وقع إليه من الحوادث والواقعات وضم إليها ما في الكتب من المشكلات وجمع في كل مسألة روايات مختلفة. يُنْظَر: كشف الظنون (١/ ٨٢٣)، معجم المؤلفين (٣/ ٧٩٦)، الفوائد البهية (ص ٣٣٦).
(٦) مذهب الشافعي: "أَنْ من طلَّق امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، فله نِكَاح أُخْتِهَا في عِدَّتِهَا، وَإِن كان رَجْعِيًّا، لم تَحِلَّ أُخْتُهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا يُنْظَر: روضة الطالبين (٦/ ١١٢).
(٧) وفي (ب): (صيرورة).
(٨) زيادة من (ب).