للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولنا: مقصودًا احتراز عنه] (١) وأمّا سببه فتعلّق البقاء المقدور بتعاطيه بيان هذا أنّ الله تعالى خلق العالم وقدر بقاء جنسه إلى حين القيامة من طريق التناسل ولا تناسل إلا بإتيان الذكور والإناث في مواضع الحدث (٢) فشرع الله تعالى له طريقاً يتأدى به (٣) ما قدروا الله تعالى من غير أن يتّصل به/ فساد ولا ضياع وهو طريق الازدواج (٤) في الملك وضعًا لأنّ الوطءعلى التغالب فساد، وفي الإقدام بغير ملك اشتباه الأنساب وهوسبب لضياع النّسل (٥)، وأمّا شرطه فإنّ له شرطًا خاصاً، وشرطًا عامًا.

فأمّا شرطه الخاص فحضور الشّهود فإنّه ليس في ذات العقد، ولا يتم العقد إلا عنده، وهذا هو حدّ الشّرط (٦).

وإنّما قلنا: إنّه خاصّ لأنّ اشتراط الشّهود في سائر المواضع ليثبت وجه الحكم للقاضي عند التأكد لا للجواز، وههنا هو شرط لجواز النكاح حتى لا يشرط مجلس القضاء لصحّته ههنا.

وأمّا شرطه العام فالأهليّة (٧) من وجود العقل، والبلوغ، وهو شرط عام في تنفيذ كلّ تصرفي دائر من الضّرر والنّفع، وكذلك المحل وهو المرأة التي أحلّها الشّرع بالنكاح وهي ما سوى المحرمات فإن محلّ كلّ تصرف شرط لنفوذ تلك التّصرف الوارد عليه.

وكذلك الحريّة شرط فإنّ العبد أو الأمة إذا تزوج بدون إذن المولى لا ينعقد النكاح.

وأمّا ركنه (٨) فالإيجاب والقبول (٩) بألفاظه (١٠) كما في سائر العقود إلا أن هذا العقد لا ينعقد بالتعاطي (١١) مبالغة في صيانة الأبضاع من الهتك وصيانة الأنساب من الاشتباه (١٢).


(١) ساقط من (ب).
(٢) مواضع الحدث: هو الفَرْج (قُبُل الرَّجْل والمرأَة): يقصد الوطء والجماع.
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ١٩٣).
(٤) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٢/ ٢٣٠).
(٥) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ١٩٣)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٥٢)، تحفة الفقهاء (٢/ ١٢٠).
(٦) الشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
الشهود شرط لصحة عقد النكاح: رجل أخذ ابنته وذهب يزوجها بلا شهود؛ فهنا اختل شرط من الشروط وهو: الشهود، فيلزم من عدم وجود الشهود عدم وجود العقد … !
(٧) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣١)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٣٢).
(٨) الركن: ركن الشيء ما يتم به وهو داخل فيه، بخلاف شرطه وهو خارج عنه؛ وقيل: ما يقوم به ذلك الشيء التقوم إذ قوام الشيء بركنه. وأركان العبادات جوانبها التي عليها مبناها وبتركها بطلانها. ينظر: التعريفات الفقهية (١/ ١٠٦).
(٩) يراد بالإيجاب والقبول الصيغة الصادرة من المتعاقدين والدالة على توجه إرادتهما الباطنة لإنشاء العقد وإبرامه، سواء كان ذلك بالقول، أو الكتابة المستبينة، أو الإشارة المفهمة، أو الفعل، كما في التعاطي، وهذه الصيغة هي التي تدل على التراضي من كلا الجانبين على إنشاء العقد. انظر المراجع التالية: حاشية ابن عابدين (٤/ ٢١)، الشرح الكبير (٣/ ٥)، نهاية المحتاج (٣/ ٣٨١)، المجموع (٩/ ١٦٩)، كشاف القناع (٣/ ١٤٨).
(١٠) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٢/ ١١٨)، الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٥)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٢٩).
(١١) التعاطي: مصطلح يستخدم في البيع ويقصودون به إجراء العقد بغير كلام بين المتعاقدين وهما في ذلك متراضيان. ينظر: التعريفات الفقهية، (١/ ٥٨).
(١٢) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٢/ ٢٥٢).