للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مدينة خاصة له ولأتباعه. وكانت المهدية، ففر إليها تاركاً القيروان الخصومه المالكية. وإن كان أتباع مالك معارضين في العهد الأغلبي إلا أنهم في هذا العهد أصبحوا مجاهدين صامدين لدخلاء العقيدة هؤلاء.

يقول علماء التربية: كل حركة تقاوم تزداد عنفاً، وكانت المالكية، في أعنف مظاهرها وأشد صمودها مع بني عبيد بافريقيا رغم ما نال أتباعها من قتل وتعذيب، وإذا كان أهل القيروان ينظرون الى من يدين بالاعتزال على أنه كافر، ويقولون: فلان تمعزل، فما بالك بمن يقسم بحق عالم الغيب والشهادة مولانا الذي برقادة. فهو في نظرهم ولا شك «ألعن من أن يذكر».

ولما جاءت ثورة أبي يزيد الخارجي، انضم إليها فقهاء القيروان أول الأمر، على قاعدة الخوارج أنفسهم: (لا حباً في علي، بل بغضاً في معاوية). وكانوا يفتون بوجوب الجهاد تحت رايته، ولم يكونوا واثقين تمام الوثوق من (صاحب الحمار) في مباديه ولكن البغض لبني عبيد الله هو الذي حملهم على اختياره عليهم …

وما أظن أن مساندة عبد الرحمن الناصر خليفة قرطبة وهو مالكي لأبي يزيد مخلد بن كيداد الخارجي، إلا مجاراة منه للمالكية بافريقيا. وكاد الثائر ان يظفر ببغيته لولا الفوضى التي سادت في جيشه اللانظامي النهاب، ولقد حاصر المهدية وأطال حصارها، ولكن النجاح كان حليف بني عبيد، ورأى المالكية ان لا خير ينتظر من هذا الثائر الفوضوي، فانصرفوا عنه وفر بعدها هائماً على وجهه هو ومن معه من بقية أنصاره الى ان مات من جراء جروح أصابته في بعض معاركه العديدة.

ولما انتقل بنو عبيد الى مصر والمشرق وتركوا على افريقيا عمالهم من أبناء زيرى بن مناد الصنهاجي، الذين أقاموا ولايتهم بالمهدية، عمل فقهاء المالكية بافريقيا على استقلال بلادهم عن مركز الخلافة العبيدية، وما ان جاء المعز الصنهاجي حتى اقنعوه باعلان استقلاله عن هذا الخليفة الوهمي،

<<  <  ج: ص:  >  >>