للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما جاء وقت الصلاة وأذّن، ما ملكت نفسي عند سماع

أذانه، حتى جلست الى الأرض، وسمعت أذانًا ما سمعت مثله، ثم دخنا المسجد، فلا أحد يتكلم إلا أن يسلّم سلامًا خفيًا. فلما صلى انصرف. فسلمنا عليه، فكان منه إقبال عظيم. وكان قبل دخولنا جبنيانة، تكلم معنا بعض أصحابنا، فقال لنا رجل من العرب: وخطب إلي ابنتي رجلان صالحان من الموالي، فإن زوجتها لم تطب نفسي، وإن رددتهما خشيت أن لا تأخذ مثلهما. فكان أول شيء سمعنا من الشيخ قال: كان لسحنون بن سعيد صاحب من المغرب، خطب ابنته رجل من الموالي. فشاور سحنونًا، فقال له: زوّج من له دين ومروءة، ولو انفلقت عنه بعرة. ثم حوّل الجبنياني رأسه قِبَل صاحبنا فقال: هكذا قال سحنون. فقلت له قد أفتيت في مسألتك على لسان الجبنياني. وكان أبو إسحاق ، قد سأل الله أن يبيّن له أهل البدع والمحدثين في الدين. فكان ربما لقيه قوم فيسلم على بعضهم، ويتفرس في آخرين فراسة سوء، فيقف عن السلام عليهم، فيكشف عنهم، فيوجدون على ضلالة، وله في هذا الباب أخبار مأثورات كثيرة. ولقد أتاه حسن بن رشيق، وزير السلطان، وابن النديم، فلما قربا من مسكنه قال أحدهما للآخر: أصابك مثل ما أصابني؟ قال له: وما هو؟ قال: إن عنان فرسي يسقط من يدي من الرعب. فقال له الآخر أصابني أشد من ذلك. فانصرفا ولم يجسرا على لقائه. وكان رجل من أهل السنّة، بقرية مشارقة ومعتزلة، ليس فيهم سني غيره، وعلى قريتهم كتامي. يقال له أبو دكرك. من الفراعنة. فقال جيرانه، لأبي دكرك: تكتب عليه محضرًا أنه سبّ السلطان، وتأخذ أنت ماله، وتقتله. فإذا سألك السلطان عن قتله، أخرجت المحضر، فأمر باعتقال دار الرجل، لينزل عليها بالليل، فتحيل حتى خرج من الدار، ووصل الى أبي إسحاق،

<<  <  ج: ص:  >  >>