للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ).

س: ما حكم من طلق زوجته ثلاثاً متخللات الرجعة؟

جـ: اعلم أن من طلق زوجه ثلاث طلقات متخللات الرجعة فإن زوجته تصبح عليه محرمة شرعاً لا يحل له منها ما يحل للرجل من زوجته ولا يجوز له الاتصال بها ولا يرثها أو ترثه وإذا ادعت عليه الزوجة أنه قد طلقها ثلاثاً متخللات الرجعة فعليها البرهان، وإذا لم تتمكن من إبراز برهان فالقول قول الزوج وعليه يمين فإن حلف أنه لم يطلقها ثلاثاً فلا مانع من بقائها عنده لأن الشريعة على الظاهر والله يتولى السرائر، وحكم الحاكم ينفذ ظاهراً لا باطناً وإذا كان الواقع هو ما ادعته الزوجة فالإثم كله على الزوج وهو المسؤول أمام الله وسيعاقبه الله عقاب اليمين الفاجرة وعقاب بقاء الزوجة لديه بعد طلاقها وذلك كله لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صرح في الحديث الصحيح بما يدل على أن حكم الحاكم ينفذ ظاهر لا باطناً حيث قال -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا) (١) كما جاء الوعيد على من يحلف اليمين الفاجرة في حديث (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ) (٢) و حديث (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) (٣) فليتق كل من يطلق زوجته أكثر من ثلاث طلقات متخللات الرجعة وليعرف كل من قد طلق زوجته أكثر من ثلاث بأنها قد حرمت عليه تحريماً قطعياً لا تحل له إلا بعد أن تتزوج زوجاً غيره في نكاح شرعي غير مقصود به التحليل بشرط دخول الزوج الأخير على الزوجة والاتصال بها جنسياً، لحديث (لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ) وفي رواية (لا تحلين َلِزَوْجِكِ الأول حَتَّى يَذُوقَ الْآخَرُ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ).

والخلاصة:

١ - من طلق زوجته ثلاث تطليقات متخللات الرجعة أصبحت عليه حرام حتى تنكح غيره لقوله تعالى {فَإِنْ طَلَّقَهَا


(١) صحيح البخاري: كتاب الشهادات: باب من أقام البينة بعد اليمين. حديث رقم (٢٤٨٣) بلفظ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا).
أخرجه مسلم في الأقضية، والنسائي في آداب القضاة، وأبو داود في الأقضية، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: المظالم والغصب، والحيل، الأحكام.
معاني الألفاظ: ألحن: أفصح ببيان حجته.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الأيمان والنذور: باب اليمين الغموس. حديث رقم (٦١٨٢) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ)
أخرجه الترمذي في تفسير القرآن، والنسائي في تحريم الدم، وأحمد في مسند المكثرين، والدارمي في الديات.
معاني الألفاظ: الغموس: القسم الكاذب الذي يغمس صاحبه في النار.
(٣) صحيح مسلم: كتاب الأيمان: باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار. حديث رقم (١٩٦) بلفظ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ)
اخرجه النسائي في أداب القضاة، وابن ماجه في الاحكام، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية، والدارمي في البيوع.
لايوجد للحديث مكررات.
معاني الألفاظ: اقتطع: امتلك حق اخيه المسلم ظلما بالحلف الكاذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>