للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعي في هذه القضية؟ علماً بأن المحكمة تقول لا يقاصص الأب بالابن فما هو البرهان الذي استندت إليه المحكمة؟ وما هي الحكمة من وراء ذلك؟

جـ: المستند الذي استند إليه القاضي الشرعي هو قول الفقهاء في كتب الفقه بعدم القصاص بالأب إذا قتل ابنه، والدليل الذي احتج به العلماء على ذلك الحكم هو ما أخرجه الترمذي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظ (وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ) (١) قال ابن حجر في التلخيص وفي إسناده الحجاج بن أرطأة، قال وله طرق أخرى عند أحمد والأخرى عند الدار قطني والبيهقي أصح منها، وصح عند البيهقي أن سنده ثقات ورواه الترمذي من حديث سراقة وإسناده ضعيف وفيه اضطراب واختلاف على عمرو بن شعب عن أبيه عن جده فقيل عن عمرو وقيل عن سراقة وقيل بلا واسطة وهي عند أحمد وفيها أبو مسلم المكي وهو ضعيف لكن تابعه الحسن بن عبدالله عن عمر بن دينار قاله البيهقي، وقال عبد الحق هذه الأحاديث كلها معلولة لا يصح فيها شيء وقال الشافعي حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم (ألا يقتل الوالد بالولد) وبذلك أقول قال الشافعي هكذا في الأم وهو رأي الجمهور، قال الشوكاني في السيل الجرار ولا يخفاك أن مجموع ما ذكر يقوي بعضه بعضاً فتقوم به الحجة، وليس إلا الإعلال من طريق انقطاع في بعضها وقد تعددت الروايات في بعض الروايات هكذا في السيل الجرار، وأما الدية فهي ثابتة إن طلبها ورثة القتيل وقد خالف في المسألة داود بن علي الظاهري الذي ينسب إليه المذهب الظاهري الذي قال بمشروعية قتل الوالد بولده قصاصاً إذا كان القتل عمداً، كما أن مالك بن أنس رضي الله عنه فصل في المسألة تفصيلاً لا دليل عليه وهو أن الوالد إذا أضجع ولده وذبحه وهو مضطجع كما تذبح الشاه ثبت القصاص بالوالد بولده، وإن كان الوالد قد قتل ولده على غير هذه الصفة فلا قصاص بينهما حتى ولو كان القتل ظلماً وعدواناً.

س: ما الحكم إذا قتل أب كافر ولده المسلم؟

جـ: لا يقتل والد بولده لحديث: (وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ) فهوأعم من أن يكون الوالد مسلماً أو كافراً فهو أعم وبناءً عليه فلا يقتل الوالد الكافر بقتل ابنه المسلم بخلاف باب المواريث فإنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين، وأما في باب النفقة فإنه يجب على الابن المسلم نفقة والده أو والديه المسلمين.

[سقوط حق المطالبة بالقصاص بتنازل واحد من الورثة عن القصاص]

س: بماذا يثبت القصاص؟ وماذا يلزم للورثة إذا أسقط بعض الورثة القصاص؟

جـ: يحق لكل واحد من الورثة في القتل العمد العدوان المطالبة بالقصاص ولكن إذا قد عفا واحد من الورثة عن حقه في القصاص فإن القصاص يسقط على جميع الورثة، ويجوز العفو عن القصاص لكل واحد من الورثة الرجال والنساء لا فرق بينهم، والغالب أن أولياء المحكوم عليه بالقصاص يحاولون التأثير على المرأة أو النساء من أولياء المقتول لإقناعها بالعفو عن القاتل وقبول الدية لأن المرأة عاطفية وسرعان ما تتأثر فتعفو وبالتالي يسقط حق المطالبة بالقصاص على جميع الورثة، ولذا فبعض أولياء المقتول يبدأون بتحذير النساء اللاتي لهن


(١) - سنن الترمذي: كتاب الديات: باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه هل يقاد منه أم لا. حديث رقم (١٣٢١) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ) حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (١٤٠١).
أخرجه ابن ماجة في الحدود، والدارمي في الديات.
معاني الألفاظ: الحد: العقاب المقدر في الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>