للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز مقاتلة المسلم الذي يقاتل في صفوف الكافرين]

س: هل يجوز مقاتلة المسلم المرغم على القتال في صفوف الكفار؟

جـ: ما دام وهو يقاتل في صفوف الكفار فالظاهر أنه مع الكفار والعبرة بالظواهر والله يتولى السرائر، و (العباس بن عبدالمطلب) حينما أسر في معركة بدر قال: يا رسول الله أنا ما خرجت مع المشركين إلا ظاهرياً و إلا فأنا معكم، فقال له النبي صلى الله علية و سلم: (ظاهرك علينا) والعبرة بالظاهر، وهذا الحديث يدل على أن العبرة بالظواهر.

في قتال المسلمين بعضهم البعض وجوب القتال مع المحق ضد المبطل

س: كيف يجمع العلماء بين حديث (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّار، قِيلَ: فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ) (١)، وبين قوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٢)؟

جـ: الآية محمولة على حالة ما إذا قد عُرف المحق من المبطل فيجب أن يقاتل المسلمون مع المحق ضد المبطل، ويعمل بحديث إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، إذا عرفنا أن كلا الطرفين مبطلان بأن كان كل منهما يسعى للملك والسلطة والمصالح الدنيوية، فيعمل بحديث (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّار، قِيلَ: فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ).

س: لو أن دولة مسلمة قامت بالاعتداء علينا فما يجب علينا هل ندافع عن أنفسنا ونقاتل، أم ماذا نصنع؟

جـ: أولاً نريد أن نعرف أيُّ الدولتين معتدية وأيها على الحق، لأن القتال بين المسلمين من أيام بني أميه و عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وكل يدعي أنه على الحق.

وكل يدعي وصلاً بليلى … وليلى لا تقر لهم بذاك

وكل واحد يدعي أنه على الحق فإذا عرفنا أن هذا مع الحق وأن هذا مع الباطل، فيجب القيام مع صاحب الحق عملاً بقوله {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، أما إذا كانوا جميعاً على باطل فلنتوقف لأنها فتنة عملاً بقول الرسول صلى الله علية و سلم (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّار، قِيلَ: فَهَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ).

س: كيف يجمع بين قوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وحديث (إِذَا تَوَاجَهَ


(١) - صحيح البخاري: كتاب الفتن: باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما. حديث رقم (٦٥٥٦) بلفظ (عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟؟!! قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ)
أخرجه مسلم في الفتن، والنسائي في تحريم الدم، وأبوداود في الفتن، وأحمد في أول مسند البصريين.
(٢) سورة الحجرات: آية (٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>