للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأذان حال دخول الميت اللحد من البدع]

س: هل يشرع الأذان حال دخول الميت اللحد؟

جـ: لم يرد به حديث لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف، وإنما هو من البدع التي حدثت أخيراً وقد ذم الرسول البدع في الدين في حديث (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (١).

عدم أخذ إمام الصلاة أو المؤذن أجرةً على عملهما في عهد الصحابة

س: هل كان من يؤم الناس أو يؤذن يأخذون مرتباً في عهد الصحابة أو التابعين على قيامهم بهذا العمل؟ وهل هناك إجماع على ذلك؟

جـ: اعلم بأنه لم يكن إمام الصلاة والمؤذن يأخذان الراتب في عصر الصحابة والتابعين ولكن المتأخرين رأوا تقريرالمرتبات لمن سيؤم الناس أو يؤذن لهم لكي يستمروا على المواظبة على الإمامة والأذان، فالمرتب الذي يأخذه أئمة المساجد أو المؤذنون ليس إلى مقابل أداء الصلاة المفروضة من عند تكبيرة الإحرام إلى عند التسليم، ولا إلى قول المؤذن (الله أكبر) إلى آخر ألفاظ الأذان بل إلى مقابل المحافظة على الحضور إلى المسجد في أول كل وقت معين وهي مثل أجرة من سيغسل الأموات فإنها ليست إلى مقابل نفس التغسيل وإنما إلى مقابل الوقت الذي سيستغرقه والسعي إلى ذلك العمل.

لا أصل للقول بأن الأذان كان سراً وعمر اقترح أن يكون جهراً

س: سمعنا من بعض الناس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يؤذن له بلال في مكة سراً فلما أسلم عمر اقترح على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يكون الأذان جهراً، فهل لهذا الحديث أصل في كتب السنة النبوية؟

جـ: اعلم أن هذا الحديث لم أطلع عليه وأنه لا يصح عن عمر -رضي الله عنه- وذلك لأن إسلام عمر -رضي الله عنه- كان في السنة الخامسة للبعثة في مكة وعمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتجاوز (خمسه وأربعون) عاماً وقبل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة قبل سبع أو ثمان سنوات لأن الهجرة كانت في السنة الثالثة عشرة للهجرة ومشروعية الأذان لم تكن في مكة وإنما كانت في المدينة في السنة الأولى من الهجرة بعد إسلام عمر بثمان سنوات كيف يستقيم القول أن عمر -رضي الله عنه- اقترح يوم إسلامه أن يكون الأذان جهراً لا سراً ولم يكن الأذان قد شرع في مكة لا قبل إسلامه ولا بعده بل لم تكن الصلوات الخمس المكتوبة قد شرعت يوم إسلام عمر فكيف يقترح عمر -رضي الله عنه- أن يكون الأذان للصلوات الخمس جهراً لا سراً في حين أن الصلوات الخمس التي شرع الأذان للدعاء إليها والأمر بأدائهالم تكن قدشرعت؟! وقد دلت الأدلة الصحيحة على أن الصلوات الخمس لم تشرع إلا ليلة الإسراء المتأخرة عن إسلام عمر بأعوام.

الخلاصة: أن هذا الحديث الذي ذكر السائل في سؤاله الذي حكى أن الصحابة كانوا يؤذنون سراً حتى أسلم عمر -رضي الله عنه- فاقترح على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون جهراً أو أقرَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الاقتراح وأمر بتنفيذه لا يصح ولا يتفق مع


(١) صحيح مسلم: كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة. حديث رقم (١٤٣٥) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ).
أخرجه النسائي في صلاة العيدين، وأبو داود في الخراج والإمارة والفيء، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في المقدمة.
معاني الألفاظ: فإليَّ: عليَّ سداد دينه وقضاء حاجة أولاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>