للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحريم جميع هذه البدع والخرافات والأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان ولا تقرها شريعة سيد الأنام.

س: يوجد أناس يجوبون القرى ويزعمون أن معهم حوالة من (أحمد بن علوان) إلى أهالي بعض البيوت ثم يقومون بالهتاف باسم ابن علوان فيخرج الثعبان من البيت الذي معهم إليه الحوالة فيضعونه أمام الحاضرين، وإذا قال واحد منهم بأن هذا من باب الحيلة والسحر أنكروا ذلك فيقوم صاحبه بتسليم نقود على هذا العمل، نطلب منكم إجابة شافية في هذه القضية، والله عونكم؟

جـ: اعلم بأن الشيخ (أحمد بن علوان) رحمه الله كان من العلماء الفضلاء الذين كانوا يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، ولكنه قد انقطع عمله بعد موته فلا يستطيع نفع أحد ولا إدخال الضرر على أحد وصار محتاجاً هو إلى من يدعو له ويترحم عليه بدلاً من الدعوى بأنه يحوِّل بثعابين من البيوت وأنه قادر على ذلك فعلى من سمع من هؤلاء المشعوذين الهتاف باسمه ومناداته ألا يصدق الهتاف ولا المناداة وأن يرشد العوام والنساء إلى أن ما يقوله هؤلاء المحنشون لا أصل له من الصحة وأن يحذر المعتقدين وينصحهم ويحيطهم علماً بأن ما يقوله هؤلاء ليس عليه أثارة من علم، وإنما هو من قبيل الدجل والشعوذة لأخذ أموال المساكين بالباطل.

س: توجد في قرية قبة يزعم أهل هذه القرية أنها قبة الولي المدعو (عبدالله بن سالم السالمي) وفي وسطها ضريح منصوب وصفوف المصلين قدام الضريح وخلفه، فهل تكون صلاة هؤلاء صحيحة أم باطلة؟ هذا ويقوم بعض الجهلاء بإمداد الشمع والبخور لصاحب الضريح علاوة على أن النساء هناك تتوسل بصاحب هذا الضريح وتستغيث به أحيانا وقد تدعوه من دون الله أحيانا أخرى، أفيدونا بالجواب الشافي؟

جـ: اعلم بأن جميع ما ذكرت في السؤال عما يعمله أهالي هذه القرية حرام قطعاً فالعمارة للمساجد حرام إذا كان المسجد عمر بعد القبر لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا) (١) ففي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله هذا المسلمين من أن يفعلوا مثلما فعله من قبلهم لقول عائشة رضي الله عنها بعد أن ذكرت الحديث المصرح بلعنهِ صلى الله عليه وآله وسلم لليهود والنصارى لاتخاذهم قبور أنبيائهم مساجداً يحذر ما صنعوا وقبر الميت في المسجد حرام لأن المساجد لم تبن ليقبر الناس فيها بل للصلاة ولذكر الله، ورفع القبر أكثر من شبر حرام لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الإمام (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه بأن لا يدع قبراً مشرفاً إلاّ طمسه كما جاء في الحديث الصحيح وسواء أكان الميت الذي سيرفع قبره أكثر من شبر عالماً فاضلاً أو كان أمياً جاهلاً لأن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ (علي) رضي الله عنه وكرم وجهه لم يفصل بين قبر الجاهل والعالم، ودعوى الإمام (يحيى بن حمزة) رحمة الله الإجماع من العلماء على جواز رفع قبور العلماء وعمارة القبور التي دفن فيها الفضلاء أكثر من شبر لا دليل عليها كما أطال الكلام على هذا الموضوع شيخ الإسلام (الشوكاني) في رسالته التي أسماها (شرح الصدور بأدلة تحريم رفع القبور) وفي غيرها من مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة التي اعتمد فيها على الأدلة الصحيحة الصريحة ولم يعرج فيها على رأي أو استحسان، والنذر لصاحب القبر حرام وغير مشروع لأن من شرط النذر المشروع أن يكون ابتغاء لوجه الله سبحانه وتعالى بدليل ما جاء في الحديث الصحيح المصرح بأن النذر لا


(١) - صحيح البخاري: كتاب الصلاة: باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر. حديث رقم (٤١٨) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا قَالَتْ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا).
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والنسائي في الجنائز، وأبو داود في الجنائز، وأحمد في باقي مسند المكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>