للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) (١) ولا يجوز الحيلولة دون الخاطب الكفؤ في ديانته وبين المخطوبة بسبب المادة أو التقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان.

س: توفي رجل وله مال ورثه من والده وله أخت شقيقة وعم وخال وأخته هي وارثة معه من مخلف والده ومات قبل القسمة وأوصى قبل موته بجزء من الأرض لمن يحج عنه وجزء لأحد المساجد وجزء لخاله مقابل ما غرم عليه في علاجه فكيف تقسم تركته؟

جـ: اعلم بأنه إذا كان المراد والمقصود بهذا الكلام بأن شخصاً توفى وله ولد ذكر وبنت ولم تقسم التركة التي خلفها هذا الشخص إلى أن توفي الولد الذكر وخلف الأخت الشقيقة والعم لأب فالجواب عليه بأن تركة المتوفى الأول تكون لولده الذكر وبنته للذكر مثل خط الاثنين، ثم بعد موت هذا الولد الذكر يكون إرثه كما يلي:

لأخته الشقيقة النصف والباقي للعم لأنه أقرب العصبة الذكور، وأما الخال فليس له من الإرث شيء لكونه من ذوي الأرحام الذين لا يرثون إلا عند عدم وجود العصبة، وبناءً على ذلك فهذه الأخت لها إرثان إرث من والدها ثم إرث من أخيها هذا كله بالنسبة إلى الإرث، أما بالنسبة للوصايا فهي تختلف من حيث المَخرَج فبعضها يخرج من رأس التركة وهي أجرة الحفر لقبر الميت وقيمة الكفن وأجرة المغسل وبعضها يُخرج من ثلث التركة وهي الوصية لأحد المساجد والوصية في حجه إلى بيت الله الحرام عند بعض العلماء، أما شيخ الإسلام الشوكاني فهو ممن يجعل الحجة من رأس التركة كما في وبل الغمام، وإخراجها من الثلث هو المطبق في المحاكم الشرعية وإخراجها من الرأس هو الراجح لحديث

(فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (٢)، وأما موضوع الوصية بجزء من الأرض لخاله لأنه قد غرم عليه مبالغا في علاجه طيلة عشرين عاماً لكونه كان مصاباً بالشلل، فالجواب عليه بأن العبرة بالبرهان فإن صح وتقرر أن المتوفى كان يستدين من خاله وأنه ما كان يعطيه الخال المبالغ إلا بنية الرجوع عليه في المستقبل وعلى أساس أنه يقضيه فيكون إخراج الدين من الرأس قبل قسمة التركة بين الورثة، وإن صح وتقرر بأن الخال كان يساعد المتوفى ويعينه على أمور دنياه تقرباً إلى الله وإحساناً إلى ابن أخته من باب صلة الأرحام أو نحو ذلك لا بنية الرجوع عليه ولا باسم الدين فيكون إخراج هذا الجزء من الأرض من الثلث، فإذا كان الثلث لا يتسع لأكثر من وصية يحصل النقص على الجميع لأن القاعدة الشرعية تقتضي أن الوصايا التي من الثلث تتراحم في الثلث.

والخلاصة في قولي هذا ينحصر فيما يلي:

تركة المتوفى الأول لابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين إن لم يكن هناك غيرهما.

تركة المتوفى الثاني للأخت النصف والباقي للعم ولا شيء للخال.

هذه الأخت سيكون لها إرثان أولاً من والدها وثانياً من أخيها.


(١) - سنن الترمذي: كتاب النكاح: باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه. حدييث رقم (١٠٨٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه ابن ماجة في النكاح.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب من مات وعليه صوم. حديث رقم (١٩٥٣) بلفظ (عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: نعم قال فدين الله أحق أن يقضى).
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصوم، وأبو داود في الأيمان والنذور، وابن ماجة في الصيام، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.

<<  <  ج: ص:  >  >>