للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

-قوله: (وعند الشافعي -رحمه الله- يتيمم لكل فرض) وحاصل الاختلاف يرجع إلى أن حكم التيمم حال عدم الماء.

ماذا قال علماؤنا؟: حكمه زوال الحدث [حتى تبقى الطهارة بعد خروج وقت الصلاة بخلاف طهارة سلس البول والمستحاضة] (١) مطلقًا من كل وجه ما بقي شرطه وهو العدم كما بالماء إلا أنه بالماء مقدر إلى وجود الحدث، وها هنا إلى [أحد] (٢) شيئين: إلى الحدث، وإلى رؤية الماء.

وقال الشافعي-رحمه الله- (٣): حكم التيمم رفع الحدث مقدرًا بالحاجة إلى الأداء كما في طهارة المستحاضة. [وقال: لأن التيمم طهارة [الضرورة] (٤) فلا يتأدّى بها فرضان قياسًا على طهارة المستحاضة] (٥) لا يتأدى بها فرضان في وقتين بالإجماع.

وإنما قلنا طهارة [ضرورة] (٦) لأن الصعيد ليس بطهور في نفسه، ألا ترى أنه لا يطهر عند وجود الماء فطبعه لا يتبدل بعدم الماء، وإنما جعل طهورًا شرعًا لضرورة الحاجة، والحاجة في الفرائض تزول بفرضٍ واحدٍ، ولا تتجدد حاجة أخرى إلا [بمجيء] (٧) وقت آخر بخلاف النوافل؛ فإن الحاجة إلى النوافل دائمة.

واحتج أصحابنا بظاهر قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]،

الله تعالى شرع التيمم حال عدم الماء فتبقى الطهارة ببقائه، وكذلك جعل النبي-عليه السلام- طهارة التيمم ممتدًّا إلى غاية وجود الماء في الحديث، وكان في حال عدم الماء كالوضوء، ولأن بالفراغ من المكتوبة لم تنتقض طهارته بدليل جواز أداء النافلة له، وإذا بقيت الطهارة له أن يؤدي الفرائض بها؛ لأن شرط الأداء أن يقوم إليه طاهرًا وقد وجد وليس كالمستحاضة؛ لأن الشرع قدر طهارتها بالوقت نصًّا (٨) فيقدر به، وأما ها هنا قدر بالعدم فلا يجوز التقدير بالأداء قياسًا؛ لأنه حينئذٍ يكون تركًا [لتقدير] (٩) يثبت نصًّا، كذا في «المبسوطين» (١٠).


(١) ساقط من (أ) والتثبيت من (ب).
(٢) ساقط من (أ) والتثبيت من (ب).
(٣) مذهب الشافعية: أنه لا يجوز للمتيمم أن يجمع بين صلاتين مقروضتين بتيمم واحد، فإن فعل فلا تجرئه صلاته الثانية، ويجوز الجمع بين صلاتين إحداهما فرضًا والأخرى نفلًا، وسواء كان التنفل قبل الفريضة أو بعدها، في الوقت أو بعده. انظر: الأم (١/ ٩٤)، مختصر المزني ص (١٢)، الحاوي الكبير (١/ ٣١٥، ٣١٦)، روضة الطالبين (١/ ١١٠)، المجموع (٢/ ٢٥٩)، كفاية الأخيار (ص ٦٣)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (١/ ١١٩).
(٤) في (ب): «ضرورية».
(٥) في (ب): «مكررة».
(٦) في (ب): «ضرورية».
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) لحديث عائشة-رضي الله عنها- قالت جاءت فاطمة بنت حبيش إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقالت: يارسول الله إني امرأة اُسْتَحَاضُ فلا أطهر أفاأدع الصلاة؟ فقال: رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «لَا، إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بحَيْض، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حيْضَتُك فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صلي». وقَالَ أُبَي: «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ» رواه البخاري في صحيحه (١/ ٥٥) برقم (٢٢٨) -٤ كِتَاب الْوُضُوءِ -باب غسل الدم-، ومسلم في صحيحه (١/ ١٨٠) برقم (٦٧٩) - ٣ كِتَاب الْحَيْضِ -باب المستحاضة-.
(٩) في (ب): «كالتقدير».
(١٠) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ١١٣)، والجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٤).