للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: القطع لا يضاف إلى إثبات الوصف؛ لأنَّهما لم يكلفا نقله، فصار كما إذا اختلف في ثياب السَّارق، وهذا لأنَّهما يكلفان بيان القيمة ليعلم أنَّه هل كان نصاباً، فأمَّا اللون فلا، وإذا لم يكن القطع مضافاً إلى بيان الوصف صار هذا بمنزلة الحقوق التي تثبت مع الشبهات، [فصح] (١) الاحتيال فيه لإثبات إحياء الحقوق بقدر الإمكان والتَّوفيق ممكن. كذا ذكره الإمام الكُشَّاني (٢) - رحمه الله -.

«واللونان يتشبهان» كالحمرة والصفرة، «أو يجتمعان» بأن كان أحد جانبيها أسود والجانب الآخر أبيض، فإن قيل: لو كانت البقرة على هذين اللونين تسمى تلك البقرة حينئذ بلقاء (٣) لا سوداء ولا بيضاء، قلنا: نعم، ولكن في حق من يعرف اللونين، أما في حق من لا يعرف إلا أحدهما فهو عنده على ذلك اللون. كذا ذكره في سرقة (٤) المبسوط (٥).

وذكر فيه أيضاً: وأبو حنيفة - رحمه الله - (٦) يقول: اختلفا فيما لم يكن يكلفا نقله، والتوفيق ممكن فتقبل الشَّهادة، كما لو اختلف شهود الزِّنا في الزانيين في بيتٍ واحدٍ.

وبيان الوصف أنَّهما لو سكتا عن بيان لون البقرة لم يكلفهما القاضي بيان ذلك، وبهذا يتبين أنَّه ليس من قبلت الشهادة، والاختلاف فيما ليس من صلب الشَّهادة، إذا كان على وجه يمكن التوفيق لا يمنع قبول الشَّهادة، وههنا التوفيق ممكن، بأن كان أحد جانبيها أبيض والآخر أسود» (٧).

«وكذا الوقوف على ذلك بالقرب منه» (٨)؛ أي: الوقوف على صفة الذكورة والأنوثة لا يكون إلا بعد القُرب منها، وعند ذلك لا يشتبه فلا حاجة إلى التوفيق». كذا في المبسوط (٩).

وقوله: لأنَّ التَّحمل في الليالي؛ أي: أكثر السرقات تكون في الليالي، فكان التحمل فيها غالباً، بخلاف الغصب؛ «لأنَّ التحمل فيه بالنهار»؛ أي: غالباً، «وكذا الوقوف على ذلك»؛ أي: على وصف الذُّكورة والأنوثة.


(١) في «ج»: [وصح].
(٢) مسعود بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الكشاني، روى عن الشيخ سيف الدين أبي محمد عبد الله بن علي الكندي والخطيب أبي نصر محمد بن الحسن الباهلي وشمس الأئمة السرخسي، روى عنه الإمام الصدر الشهيد حسام الدين مات سنة ٥٢٠ هـ، له ثلاث وسبعون سنة. ينظر: الجواهر المضية (٢/ ١٦٨).
(٣) البلقاء: هي التي فيها سواد وبياض. ينظر: طلبة الطلبة (١/ ١١٧)، المعجم الوسيط (١/ ٧٠).
(٤) يعني في كتاب السرقة.
(٥) المبسوط (٩/ ١٦٣).
(٦) في «س»: -رضي الله عنه-.
(٧) المبسوط (٩/ ١٦٣).
(٨) الهداية (٣/ ١٢٧).
(٩) المبسوط (٩/ ١٦٣).