للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي عكسه بأن ادعى المسلم إليه الأجل ورب السلم ينكره.

وقال: كرب المال إذا قال للمضارب: شرطت لك نصف الربح إلا عشرة، هذا هو الصواب من النسخة.

ووقع في بعض النسخ: شرطت لك نصف الربح وزيادة عشرة، وهذا ليس بصحيح؛ لأن على ذلك التقدير كان القول قول المضارب، وفي صورة [لفظ] (١) الاستثناء كان القول قول رب المال، والمقيس والمقيس عليه في هذه المسألة في شروح المبسوط وشروح الجامع الصغير للإمام قاضي خان والتمرتاشي والفوائد الظهيرية والتتمة وغيرها (٢) بلفظ الاستثناء لما ذكرنا أن في صورة لفظ الاستثناء كان الفعل (٣) قول رب المال، وفي قوله: وزيادة عشرة كان القول للمضارب بالإجماع.

وذكر شيخ الإسلام المعروف بجواهر زاده (٤): الفرق بين المضاربة وبين المتنازع فيه من طرف أبي حنيفة -رضي الله عنه- في مبسوطه فقال: ولا يلزم [في] (٥) المضاربة؛ لأن في المتنازع فيه اتفقا على عقد واحد، وفي المضاربة ما اتفقا بل اختلفا، فرب المال ادّعى الإجارة، فإن (٦) المضاربة متى فسدت جنازة (٧) إجارة فاسدة، وإذا (٨) جازت كانت شركة، فادعى المضارب المضاربة والشركة، وأنكر رب المال ذلك وأقر له بالإجارة، فيكون القول لرب المال، وههنا اتفقا على عقد واحد وهو السلم، فإن السلم للحال سلم فاسدًا وليس بعقد آخر.

ألا ترى أنه بحيث (٩) به في حلفه لا يسلم، فقد اتفقا في عقد واحد واختلفا في جوازه وفساده، فكان القول لمدعي الجواز.

فإن قيل: هذا العذر الذي ذكرتم في المضاربة يشكل بما لو قال: شرطت لك نصف الربح وزيادة عشرة، وقال المضارب: لا بل شرطت [لي] في نصف الربح، فالقول للمضارب، ولم يقل إنهما اختلفا في نوع العقد.

قلنا: هذا لا يلزم؛ لأن المضارب إن ادعى المضاربة والشركة، إلا أن رب المال أقر له بذلك لما قال: شرطت لك نصف الربح، فهو بقوله: "وزيادة عشرة" يدعي فساد العقد بعدما أقر له فالجواز (١٠)؛ لأن قوله: "وزيادة عشرة" معطوف على قوله: "شرطت لك نصف الربح" فأول الكلام لا يقف على وجوده لمن (١١) قال: أنت طالق وطالق لغير المدخول بها، بخلاف ما لو قال: إلا عشرة؛ لأن هذا استثناء، وأول الكلام مما يقف على الاستثناء، وذكر الإمام قاضي خان -رحمه الله- (١٢): ولأبي حنيفة -رحمه الله- أنهما اتفقا على عقد واحد، واختلفا في الصحة والفساد فيكون القول قول من يدعي الصحة كالمتناكحين إذا اختلفا، فأحدهما يدعي النكاح بغير شهود، والآخر بشهود، كان القول قول من يدعي النكاح بشهود، بخلاف مسألة المضاربة؛ لأن ثمة ما اتفقا على عقد واحد؛ لأن المضاربة إذا صحت يكون شركة، وإذا فسدت كانت (١٣) إجارة للعامل، فإن (١٤) كان الظاهر من حالة (١٥) أنه لا يباشر الفاسد، لا يكون الظاهر من حالة أنه لا يباشر العقد الآخر.


(١) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٢) العناية شرح الهداية (٧/ ١١١)، قرة عين الأخيار لتكملة رد المحتار لعلاء الدين محمد بن (محمد أمين المعروف بابن عابدين) بن عمر بن عبد العزيز عابدين الحسيني الدمشقي، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، (٨/ ٤٢٠).
(٣) في (ت): القول.
(٤) المبسوط (٢٢/ ٩١).
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٦) في (ت): لأن.
(٧) في (ت): صارت.
(٨) في (ت): فإذا.
(٩) في (ت): يحنث.
(١٠) في (ت): بالجواز.
(١١) في (ت): كمن.
(١٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٢٢).
(١٣) في (ت): تكون.
(١٤) في (ت): وإن.
(١٥) في (ت): حاله.