للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال -رضي الله عنه-: والأصح عندي أنه يصير قابضاً ههنا؛ لأن أمره يخلط طعام السلم بطعامه على وجه لا يمكن التمييز معتبر فيصير بهذا الخلط قابضاً.

وهو مثل ما ذكر في كتاب الصرف: لو (١) دفع إلى صانع نصف درهم، وقال: زد من عندك نصف درهم، وضع لي منهما خاتمًا، ففعل ذلك جاز وصار (٢) بالخلط قابضاً له، كذا في المبسوط (٣).

ولو كانت الحنطة مشتراة، فإنه لو اشترى حنطة بعينها ودفع غرايره إلى البائع وقال: اجعلها في غرايري، ففعل والمشتري حاضر أو غائب يصير قابضاً.

والفرق أن في شرى (٤) العين أمر المشتري بالكيل صادف ملك نفسه؛ لأنه ملك الطعام بنفس العقد فصح الأمر، وإذا صح الأمر صار البائع وكيلاً في إمساك الغراير، فبقيت الغراير في يد المشتري حكمًا، فما وقع فيه يصير في يد المشتري حتى لو كانت الغراير [في يد] (٥) للبايع (٦)، روي عن محمد -رحمه الله- أنه لا يصير قابضاً، أما في السلم أمر رب السلم بالكيل صادف ملك المسلم إليه؛ لأن السلم دين في الذمة، وإنما يتعين (في الاستيفاء) (٧)، فلم يصح، فبقي المسلم إليه عاملاً في ملك نفسه، ويصير مستعيرًا للغراير، فلا يصير رب السلم قابضاً.

ألا ترى أنه لو أمره بالطحن كان الطحن (٨) أي الدقيق في السلم للمسلم إليه، ولا يكون لرب السلم أن يقبضه؛ لأنه ح (٩) يصير مستبدلاً، كذا في المبسوط والجامع الصغير لقاضي خان (١٠).

ولهذا يكتفى بذلك الكيل في الشرى (١١) في الصحيح، هذا (١٢) احتراز عما قيل بأنه لا يكتفى بكيل واحد؛ تمسكًا بظاهر ما روي عن النبي -عليه السلام-: أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان (١٣)؛ صاع البائع، وصاع المشتري (١٤).

لأنه نائب عنه في الكيل، أي لأن البائع نائب عن المشتري في الكيل.

والقبض بالوقوع في غراير المشتري، أي القبض يتحقق ويثبت بالوقوع في غراير المشتري كان هذا جواب إشكال بأن يقال: أن البائع مسلم فكيف يكون متسلمًا وقابضاً؛ لأنه استعار غرايره ولم يقبضها؛ لأن العارية تبرع، فلا تتم هي بدون القبض، فلم يصر المشتري قابضاً؛ لأنه مستعير لم يقبض.


(١) في (ت): ولو.
(٢) في (ت): فصار.
(٣) المبسوط (١٤/ ٤٩).
(٤) في (ت): شراء.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٦) في (ت): البائع.
(٧) في (ت): بالاستيفاء.
(٨) في (ت): الطحين.
(٩) في (ت): حينئذ.
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٧٧).
(١١) في (ت): الشراء.
(١٢) في (ت): هو.
(١٣) في (ت): الصاعان.
(١٤) أخرجه ابن ماجه في كتاب التجارات – باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض (٢٢٢٨)، وحسنه الألباني.