للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-قوله: (وكان نزح ما فيها طهارة لها) إشارة إلى أنها تطهر بمجرد النزح من غير توقف إلى غسل الأحجار ونقل الأوحال.

-قوله: (إن (١) آبار الفلوات ليست لها رءوس حاجزة) فيه إشارة إلى أن حكم آبار الأمصار على خلاف هذا وهذا أحد وجهي الاستحسان الذي ذكره الإمام المحبوبي (٢) -رحمه الله- فقال: إن الاستحسان [على] (٣) وجهين:

أحدهما: الضرورة؛ لأن آبار الفلوات ليست لها رءوس حاجزة والإبل والغنم تنزل حولها وتبعر والرياح تلقيها في البئر فلا يمكن الاحتراز عنها، فلو حكمنا بنجاسة الماء [أدى] (٤) إلى الحرج فعلى هذه العلة لا يفرق بين الرطب واليابس، والصحيح والمنكسر، [والبعر] (٥) والروث، ولكن يفرق بين آبار الفلوات وبين آبار الأمصار.

قال شيخ الإسلام في «المبسوط» (٦): فأما إذا كان في الأمصار اختلف مشايخنا فيه، قال بعضهم: يتنجس إذا وقع فيها بعرة أو بعرتان؛ لأنها لا تخلو عن حائل [بتابوت] (٧) أو حائط فلا يتحقق فيها الضرورة.

وقال بعضهم: لا ينجس اعتبارًا للوجه الآخر من الاستحسان وهو أن البعرة شيء صلب وعلى [ظاهرها] (٨) رطوبة الأمعاء لا يتداخل الماء في أجزائها، فعلى هذه العلة قيل: إن وقع نصف البعرة يفسده؛ لأن النصف منه غير مستمسك فتتداخل النجاسة في أجزائه وتمتزج به بخلاف البعر الكامل؛ لأنه صلب مستمسك لا تتداخل النجاسة في أجزائه فلا تنجسه، وهذا كالفأرة والحية والهرة إذا وقعت في البئر وأخرجت، كذلك حية لا تنجسه وذنب الفأرة إذا وقع فيها [نجسها] (٩).

قال شيخ الإسلام (١٠): والصحيح أن [الكل والنصف] (١١) سواء لا ينجسه، وذكر الحاكم الشهيد (١٢) في كتاب الإشارة (١٣) فقال: إن كان رطبًا يتنجس وإن كان يابسًا لا يتنجس؛ لأن الرطب لا ينبعث بالريح لثقله ولصوقه بالأرض فلا ضرورة، واليابس ينبعث بالريح لخفته.


(١) في (ب): «لأن».
(٢) انظر: العناية (١/ ٩٩)، البناية (١/ ٤٣٧)، بدائع الصنائع (١/ ٧٦).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): «الأدى».
(٥) في (ب): «البعرة».
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٨٧ - ٨٩) باب الوضوء والغسل.
(٧) في (ب): «من تابوت».
(٨) في (ب): «ظاهره».
(٩) في (ب): «لا ينجسها».
(١٠) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام.
(١١) في (ب): «النصف والكل».
(١٢) هو محمد بن محمد بن أحمد أبو الفضل المروزي المسلمي اليلخي، الشهير بالحاكم الشهيد، قاضٍ وزير كان عالم مرو، وإمام الحنفية في عصره، ولى قضاء بخارى، ثم ولاد صاحب خراسان وزارته وقتل شهيداً في الري سنة: (٣٣٤ هـ)، من كتبه: الكافي، والمنتقى وغيرها. انظر: الفوائد البهية (ص ١٩٥)، الجواهر المضيئة (٢/ ١٣٠)، الإعلام (٧/ ١٩).
(١٣) كتاب الإشارة -مخطوط-.