للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

روي أن عاصم بن عدي (١) الأنصاري خرج يومًا إلى رسول الله -عليه السلام- فاستقبله هلال ابن أميّة وعويمر، فقال: ما وراءك، قال: شر، وجدت على بطن امرأتي خولة بنت عاصم (٢) شريك ابن سحماء، فأخبر عاصم رسول الله -عليه السلام- فكلّم خولة فقالت: لا أدري الغيرة أدركته أم بخلاً على الطعام! وكان شريك نزيلهم، وقال هلال: لقد رأيته على بطنها، فنزلت آية اللعان (٣) كذا في «الكشاف» (٤).

وهما من أهل الشهادة، ذكر في الأسرار: والأهل من هو أهل لأداء سائر الشهادات (٥)، فعلم بهذا أنّ المراد من أهلية الشّهادة كونه أهلاً لأداء الشهادة، وكذلك قلنا: لا يجري اللعان بين الزّوجين إذا كانا مملوكين أو أحدهما مملوك على ما يأتي.

فإن قلت: يشكل على هذا جريان اللعان بين الزوجين الأعميين أو الفاسقين، ذكره الإمام قاضي خان (٦)، مع أنّهما لا أداء لهما للشّهادة، قلت: أنّهما من أهل الشهادة.

ألا ترى أنّ القاضي لو قضى بشهادة هؤلاء جاز، ولأن الأعمى من أهل الشهادة، إلا أنّه إنّما لا يقبل شهادته؛ لأنّه لا يميّز المشهود له من المشهود عليه، ولهذا ينعقد النكاح بحضرتهما، كذا في «شرح الطّحاوي» و «جامع الصغير» لقاضي خان (٧).

"وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا" حتّى أن المرأة إذا كانت ممّن لا يحدّ قاذفها، بأن تزوّجت بنكاح فاسد ودخل بها، أو كان لها ولد وليس له أب معروف لا يجري اللعان، وإن كانا من أهل الشهادة.


(١) عَاصِم بْن عدي بْن الجد بْن العجلان بْن حارثة بْن ضبيعة بْن حرام بْن جعل بْن عمرو بْن ودم بْن ذبيان بْن هميم ابْن ذهل بْن بلي، البلوي، حليف بني عبيد بْن زيد، من بني عمرو بْن عوف، من الأوس من الأنصار، يكنى أبا عَبْد اللَّهِ، وقيل: أَبُو عمر، وَأَبُو عمرو، وهو أخو معن بْن عدي، وكان سيد بني العجلان، شهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد كلها، مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ينظر: أسد الغابة (٣/ ١٠).
(٢) خولة بنت عاصم، امرأة هلال بن أمية التي لاعنها ففرق النبي صلى الله عليه وسلم، بينهما. ينظر: أسد الغابة (٦/ ٩٥).
(٣) المبسوط للسرخسي (٧/ ٣٩).
(٤) الكشاف عن حقائق التنزيل، للإمام العلامة أبي القاسم، جار الله محمود بن عمر الزمخشري. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٤٧٥) ..
(٥) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ١٤).
(٦) ينظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٦٩).
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٤١).