للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والدّليل عليه ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنّا جلوساً في المسجد ليلة الجمعة، إذ دخل أنصاري فقال: يا رسول الله أرأيتم الرجل يجد مع امرأته رجلاً، فإن قتل قتلتموه، وإن تكلّم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ، ثم قال: اللهم افتح، فنزلت آية اللعان (١).

وقال -عليه السلام- لهلال بن أمية (٢) حين قذف امرأته بشريك بن سحماء (٣): «آتِ بأربعة يشهدون على صدق مقالتك وإلا فحد في ظهرك»، فقالت الصّحابة: الآن يجلد هلال بن أمية فيبطل شهادته في المسلمين (٤).

فيثبت أن موجب القذف كان الحدّ، ثم انتسخ (٥) ذلك اللعان في حق الزوجات واستقر الأمر على أن موجب قذف الزوج اللعان بشرائط، وعلى قول الشافعي -رحمه الله-: موجبه الحدّ، ولكنّه يتمكن من إسقاط ذلك الحدّ عن نفسه باللعان (٦)، حتّى قال: لو امتنع الزّوج من اللعان يقام عليه حدّ القذف، وعندنا يحبس حتّى يلتعن، كذا في «المبسوط» (٧).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} (٤٧٤٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، (١٤٩٢).
(٢) هلال بن أمية بن عَامِر بن قيس بن عبد الأعلم بن عَامِر بن كعب بن واقف- واسمه مالك- بْن امرئ القيس بْن مالك بْن الأوس الأنصاري الواقفي.
شهد بدرًا وأحدًا، وَكَانَ قديم الإسلام، كَانَ يكسر أصنام بني واقف، وكانت معه رايتهم يوم الفتح. وأمه أنيسة بنت هدم، أخت كلثوم بن الهدم الَّذِي نزل عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ المدينة مهاجرا. ينظر: أسد الغابة (٤/ ٦٣٠)
(٣) شريك بْن السحماء وهي أمه، وأبوه عبدة بن معتّب بن الحدّ بن العجلان ابن حارثة بْن ضبيعة البلوي، وقد تكرر باقي النسب، وهو ابن عم معن وعاصم ابني عدي بْن الجد، وهو حليف الأنصار، وهو صاحب اللعان، نسب في ذلك الحديث إِلَى أمه. ينظر: أسد الغابة (٢/ ٣٧٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (٤٧٤٧)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، (١٤٩٦).
(٥) النسخ: في اللغة عبارة عن التبديل والرفع والإزالة، يقال: نَسَخَتِ الشمس الظل: أزالته، وفي الشريعة: هو بيان انتهاء الحكم الشرعي في حق صاحب الشرع، وكان انتهاؤه عند الله تعالى معلومًا إلا أن في علمنا كان استمراره ودوامه، وبالناسخ علمنا انتهاءه، وكان في حقنا تبديلًا وتغييرًا. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ٢٤٠)
(٦) ينظر: الحاوي الكبير (١١/ ١٠٠).
(٧) المبسوط للسرخسي (٧/ ٣٩).