للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف البيع وكان الفقه فيه هو أنّ الشّرط الفاسد في البيع يصيره ربا والرّبا حرام بنصّ الكتاب ولا ربا في باب النكاح فلم يؤثر الشّرط في ركن العقد فبقي الركن صحيحًا وأمّا الشّرط الفاسد فإن تزوج امرأة على هذا الدّن من [الخمر] (١) فإذا هو خمر فحاصل الخلاف بينهم هو أن مُحَمَّد مع أبي يوسف -رحمهما الله- في ذوات الأمثال في أنّ الحكم يتعلّق بالتّسمية دون مهر المثل ومع أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- في ذوات القيم في إيجاب مهر المثل دون القيمة ثم الأصل عندهم هو أنّ المعتبر هو الإشارة عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- في الفصول كلّها حتى إذا لم يكن المشار إليه مالاً كان لها مهر المثل وعند مُحَمَّد في الجنس الواحد يعتبر الإشارة وفي الجنسين يعتبر التّسمية.

وعند أبي يوسف -رحمه الله- يعتبر التّسمية في الفصول كلها.

قوله: -رحمه الله- فَتُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ لِكَوْنِهَا أَبْلَغَ فِي الْمَقْصُودِ (٢)، وذلك لأنّ تسميتة واقعة على المشار إليه لأنّه قال تزوجتك على هذا يبقى إشكال وهو أنّه سمّاه بغير اسمه لكن بهذا لا يمتنع انصراف التّسمية إليه لأنّ الشّيء قد يسمّى باسم مجازه كما يسمّى باسم حقيقته.

ألا ترى أنّ من قال لامرأته هذه الكلبة طالق طلقت أو قال لعبده هذا الحمار حرّ فإنّه يعتق فلو امتنعت الإضافة إليه بتسميته باسم غيره لما وقع الطّلاق والعتاق وإنّما لا يمتنع لأنّ التّسمية تحتمل المجاز أمّا الإشارة فلا تحتمله فلا يستقيم أن يجعل الإشارة إلى عين إشارة إلى غيره.

أمّا الطّلاق اسم عين يجوز على عين آخر مجازًا فكان صرف التّسمية إلى المشار إليه ممكنًا أمّا صرف الإشارة إلى محلّ آخر غير ممكن لأنّ الإشارة إلى شيء بمنزلة وضع اليد على ذلك الشّيء فلا يتصوّر أن يكون الوضع على شيء وضعًا على آخر فيتعلّق الحكم بالمشار إليه ضرورة والمشار إليه ليس بمال فيجب مهر المثل إلى هذا أشار فخر الإسلام-رحمه الله- (٣) والوصف يتبعه أي في الاستحقاق كذا في الأسرار والتّسمية أبلغ في التّعريف من حيث أنّها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذّات فإنّ التّسمية للتّعريف والإشارة كذلك وكلّ واحد منهما اختصّ بنوع تعريف والإشارة بقطع شركة الأغيار ويثبت التّعيين لكن لا يفيد العلم بصفة المشار إليه وماهيته والتّسمية تفيد العلم بصفة المسمّى وماهيته لكن شائعًا في الجنس فيجب اعتبارهما وتعذّر اعتبارهما في شيء واحد؛ لأن قضية الإشارة وجوب مهر المثل إذا كان المشار إليه حراً وقضية تسمية العبد وجوب القيمة فيجب اعتبارهما في الحالين ففي الجنس الواحد اعتبرنا الإشارة.


(١) وفي (ب): (الخل).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥٠٠).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٨٤).