للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام التمرتاشي (١) -رحمهم الله- ولا نفقة لها وقيل لها ذلك ولا يباح وطئها ولا دواعيه وعدتها بوضع الحمل وقيل لا بأس بوطئها بخلاف الأمة الحامل من الزنى لا يقربها المولى قبل.

وكذا الخلاف لو زوّجت نفسها من الزّاني ولم يقر الزّاني بأنّ الحبل منه فإن أقرّ صحّ النكاح عند الكلّ تستحق النفقة لأنّه غير ممنوع عن وطئها.

قلت: فالحرف الذي يدور عليه الخلاف هو أنّ امتناع التّزوج في الحامل التي كان حملها ثابت النّسب لماذا فعند أبي يوسف -رحمه الله- لحرمة الحبل وصيانته عن سقيه بماء حرام لأنّه لا ذنب له فيضاف وعندهما امتناع التزوّج لحق صاحب الماء وذلك إنّما يكون عند ثبوت النّسب ولا حرمة للزاني فيجوز نكاحها فإن تزوّج حاملاً من السّبي فالنكاح فاسد صورتها الحربيّة الحامل إذا سبيت فأراد السّابي أن يزوّجها لا يجوز ما لم تضع حملها لأنّ نسب ما في بطنها ثابت من زوجها الحربي فالأنساب تثبت في دار الحرب كثبوتها في دار الإسلام (٢) ومتى (٣) كان النّسب ثابتًا من آخر [لم] (٤) يكن هي محلاً للنكاح في حق غير صاحب النّسب ما لم تفرغ منه وكذا المهاجرة إلى دارنا إذا كانت حاملاً ليس لها أن تتزوّج ما لم تضع حملها لأن في بطنها ولدًا ثابت النسب وروى الحسن عن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمهما الله- في المهاجرة والمسبيّة أنّها إن تزوجت جاز النكاح ولكن لا يقربها زوجها حتى تضع حملها وإن لم تكن حاملاً يجوز النكاح لأنّ الفرقة وقعت بتباين الدّارين كذا ذكره الإمام المحبوبي -رحمه الله- وإن زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل (٥) ذكر لفظ الباطل هنا ولفظ الفاسد فيما تقدّم.

وذكر فخر الإسلام-رحمه الله- في مبسوطه المراد من الفاسد هناك أيضاً الباطل لأنّ ثبوت الملك في باب النكاح مع المنافي وإنّما يثبت الملك ضرورة تحقّق المقاصد من حلّ الاستمتاع للتّوالد/ والتّناسل فلا حاجة إلى عقد لا يتضمّن المقاصد فلا يثبت الملك ولكن بقي ههنا سؤال تخصيص العبارة هنا بالباطل وهناك بالفاسد.


(١) الإمام التُّمُرْتَاشِيّ: هو أحمد بن إِسماعِيل التُّمُرْتَاشِيّ، أبو العباس، ظهير الدين الْخَوَارِزْمِيّ: عالم بالحديث، على مذهب أَبِي حَنِيفَةَ، كان مفتي خوارزم. نسبته إلى تمرتاش قرية من قرى خوارزم. له شرح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. ومات سنة (٦١٠ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضيئة (١/ ٦١)، تاج التراجم (١/ ١٠٨)، الأعلام (١/ ٩٧).
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي (٣١/ ٣١).
(٣) وفي (ب): (وهي).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٩)، وسبق الكلام على تفريق الحنفية بين النكاح الفاسد والباطل (ص ١٤٩).