للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: ما الفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا كان لرجل أربع نسوة طلق واحدة منهن بعينها ثم نسيها يؤمر بالبيان ولا يفرق وههنا يفرق.

قلنا: أن الزوج هناك يتمكّن من دعوى نكاح ثلاث منهنّ بِأعيانهنّ لأنّ نكاح كلّ واحدة منهنّ كان ثابتًا بيقين فيمكن الزّوج بدعوى ثلاث منهن تمسكًا بما هو ثابت بيقين وأمّا ههنا فنكاح كلّ واحدة منهما غير ثابت بيقين فلا يتمكّن من دعوى النكاح في واحدة منهما تمسكًا بما هو ثابت فلذا قال بالتّفريق كذا في الفوائد الظهيريّة أو للضّرر أي في حق المرأة لأنّ كل واحدة منهما تبقى معلقة لأدات تعل ولا مطلقة وإذا عيّن أحديهما جاز أن تكون الأخرى هي الأولى فتتضر هي بالفرقه أو المعيّنة لوقوعها في الوطئ الحرام ولكن الأولى من الصّور الثّلاث/ هي [المعينة] (١) المثبتة في شروح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢).

ولهما نصف المهر بينهما نصفان لأنا تيقنا أن نكاح أحديهما قد صحّ وهي الأولى منهما ثم وقعت الفرقة بينه وبينهما بسبب مضاف إلى الزّوج وهو التّجهيل فصار كالطّلاق فكان لها نصف المهر وليست أحديهما بهذا الاستحقاق بأولى من الأخرى فيجعل القدر المستحق بيقين بينهما نصفين أو يقول كل واحدة منهما إن كانت سابقة فلها نصف المهر وإن كانت متأخرة فلا شيء لها فيكون لكلّ واحدة منهما ربع المهر.

وروى هشام (٣) عن مُحَمَّد (٤) -رحمهما الله- عليه مهر كامل بينهما نصفين لأنّ الزّوج أقرّ بجواز نكاح أحديهما وإذا جاز نكاح أحديهما وجب المهر كاملاً فلا يسقط شيء منه ما لم يطلقها.


(١) ساقط من (ب).
(٢) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٧٦).
(٣) هِشَام بن عبيدالله الرَّازِيّ: فقيه حنفي، من أهل الري. أخذ عن أبي يوسف ومُحَمَّد، صاحبي الإمام أَبِي حَنِيفَةَ، ومن آثاره: النوادر في فروع الفقه، وصلاة الاثر، ومات سنة (٢٠١ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠٥)، الأعلام (٨/ ٨٧).
(٤) هو: مُحَمَّد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، أبو عبدالله، إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أَبِي حَنِيفَةَ، أصله من قرية حرستة، في غوطة دمشق، وولد بواسط، ونشأ بالكوفة، فسمع من أَبِي حَنِيفَةَ وغَلَبَ عليهِ مذهبه وعُرف به، وانتقل إلى بغداد، فولاه الرشيد القضاء بالرقة ثُمَّ عزله، ولما خرج الرشيد إلى خراسان صحبه، فمات في الري، قال الشَّافِعِي: (لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة مُحَمَّد بن الحسن، لقلت، لفصاحته) ونعته الخطيب البغدادي بإمام أهل الرأي، له كتبٌ كثيرة في الفقه والاصول، منها (الْمَبْسُوطِ) في فروع الفقه، و (الزيادات) و (الجامع الكبير)، و (الْجَامِعِ الصَّغِيرِ)، و (الآثار)، و (السير) توفي بالري سنة (١٨٩ هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (١/ ١٨)، تاريخ بغداد (٢/ ١٧٢)، طبقات الحنفية (٢/ ٤٢).