للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قوله رحمه الله] (١) النِّكَاح ينْعَقد بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول (٢) قال الإمام بدر الدين الورسكي رحمه الله (٣): النكاح عبارة عن معنى شرعي يثبت في المحلّ. وقولنا: زوّجت وتزوّجت آلة انعقاد ذلك المعنى.

وقوله: بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول (٤)؛ يشير إلى هذا المعنى لأنّ الباء تدخل على الآلة يُعَبّر بهما عَن الْمَاضِي (٥)؛ أي بلفظ وتبيّن لأن التعبير والعبارة البيان.

قال الله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (٦) أي تبينون وإنّما اختير لفظ الماضي للإنشاء وهو إثبات أمر لم يكن لبدلّ على التحقق والثبوت فكان أدّل لقضاء الحاجة ثمّ صورة العبارتين بالماضي نحو أن يقول أحدهما: زوّجت ويقول الآخر: قبلت وبالآخر عَن الْمُسْتَقْبل مثل أَن يَقُول زَوجنِي (٧)؛ لأنّ الأمر للاستقبال لأنه لطلب الفعل في المستقبل (٨) وذكر في نكاح فتاوى سمرقند: (٩) إذا قال لغيره: (دختر خويش مراره) فقال: (دادم)، (١٠) ينعقد النكاح وإن لم يقل الخاطب: (يذرفتم)، ولو قال: (مراد ادي) فقال: (دادم)، لا ينعقد النكاح ما لم يقل الخاطب: (يذرفتم)، والفرق أن قوله (ده أمر) وتوكيل والواحد يصلح وكيلاً من الجانبين في النكاح وقوله: (دادي)، استخبار فلا يثبت التوكيل به قالوا إلا إذا أراد بقوله: (دادي) التّحقيق دون السّوم، فحينئذ ينعقد النكاح وإن لم يقل الخاطب (يذرفتم)، وعن نجم الدّين النّسفي-رحمه الله- (١١) أنّه كان يقول ينبغي أن يقول الخاطب (خويش بزني دادي) وتقول المرأة (خويش بزني دادم) لأنّ في انعقاد النكاح بدون ذكر (بزنى) اختلاف المشايخ فلابد من ذكر هذه الزّيادة لتصير المسألة متّفقاً عليها (١٢) كذا في (الذّخيرة) (١٣) على ما نبينه إن شاء الله تعالى أي في أوّل فصل الوكالة في النكاح.


(١) زيادة من (ب).
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨).
(٣) الورسكِيِّ: هو بدرِ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِالكَرِيْمِ الورسكِيِّ، البخاري، من تصانيفه شرح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ للصدر الشَّهِيد فِي الفُروع، ومات ببلخ سنة (٥٩٤ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٩٢).
(٤) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨).
(٥) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨).
(٦) يوسف من الآية: ٤٣.
(٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨).
(٨) الشارح يتكلم عن مسأله فيها خلاف وهي أحوال الصيغة في الماضي والمستقبل.
(٩) يُنْظَر: فتاوى سمرقند: (١/ ١٨٨)، المحيط البرهاني لأبي المعالي برهان الدين في الإحالة (٣/ ٥).
(١٠) هذه الألفاظ فارسية في صيغ النكاح وألفاظه التي يصح بها النكاح والتي لا يصح … !
(١١) نجم الدّين النسفي: هو عمر بن مُحَمَّد بن أحمد، أبوحفص النسفي، مفتي الثقلين، ولد بنسف وإليها نسبته سنة (٤٦١ هـ)، كان عالماً مفسراً محدثاً فقيهاً إماماً مشهوراً، له مصنفات في الحديث والفقه والتاريخ وغيرها، ومات سنة (٥٣٧ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٤٩٤)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٩٤)، الأعلام (٥/ ٦٠).
(١٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني للإمام لبرهان الدين (٣/ ٥).
(١٣) ذخيرة الفتاوى، المشهورة بالذخيرة البرهانية؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازه البخاري المتوفى سنة ستمائة وست عشرة من الهجرة، والذخيرة البرهانية مختصرة من كتابه المحيط البرهاني؛ لابن مازة، وهذه الفتاوى لها نسخ متعددة منها نسخة مصورة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام مُحَمَّد بن سعود بالرياض، تحت الرقم (٣٨٦٧ ف)، عن مكتبة تشتربيتي بدبلن بإيرلندا.
يُنْظَر: كشف الظنون (١/ ٨٢٣)، المدخل لمذهب الامام أَبِي حَنِيفَةَ النعمان (١/ ٣٦٢).