للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو وقع التعارض).

أي: بين كونه سنة/ فالترجيح للمحرم إما للعمل بالاحتياط، أو للاحتراز عن تكرار النسخ وبيانهما مسبقاً (١) مذكور في «دامعة المبتدعين، وناصرة

المهتدين» (٢)، ولأن الإحرام سبب لتحريم ما كان حلالًا قبله، فيستحيل أن يكون سببًا لتحليل ما كان حرامًا قبله، ثُمَّ الطعن، والجرح كان حرامًا قبله، فلا يجوز أن يكون سببًا لتحليله، والجواب عما رويا من الحديث في الأشعار احتمل أنه فعل ذلك قبل النهي عن المثلة.

أو معنى قوله (أشعر بدنة) (٣)، أي: أعلمها بعلامة سوى الجرح؛ إذ الإشعار هو الإعلام، كذا ذكره الإمام الإسبيجابي، والإمام المحبوبي.

وقيل: إن أبا حنيفة -رحمه الله- كره إشعار أهل زمانه، وبه قال الطحاوي، فقال: (ما كره أبو حنيفة أصل الإشعار، وكيف يكره ذلك مع ما اشتهر فيه من الآثار، وإنما كره إشعار أهل زمانه؛ لأنه رآهم يستقصون في ذلك على وجه يخاف منه هلاك البدنة لسرايته خصوصًا في حر الحجاز" (٤).

فرأى الصواب في سر هذا الباب على العامة لأنهم لا يتيحون على الحد، فأما من وقف على ذلك بأن قطع الجلد فقط دون اللحم، فلا بأس بذلك) كذا في «المبسوط» (٥)، وإنما كره إيثاره على التقليد كإيثار الكتابية على المسلمة.

(فإذا دخل مكَّة) (٦).

أي: المتمتع الذي ساق الهدي.

«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لمَا سُقْتُ الهَدْيَ» (٧)، أي: لو عرفت أولًا ما عرفت آخرًا لما سقت الهدي، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه بأن يفسخوا إحرام الحجّ، ويحرموا [بالعمرة] (٨).


(١) في (ب): مُشبعًا.
(٢) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٩).
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨).
(٤) الحجاز: بلاد معروفة في غرب الجزيرة العربية بالقرب من البحر ما بين تهامة ونجد، سمي به أخذًا من (الحَجْز) وهو الفصل؛ لأنه فصل بين نجد والسراة، وقيل: بين الغور والشام، وقيل: لاحتجازه بالجبال. انظر: المصباح المنير (١٢٢)، الهادي إلى اللغة (١/ ٤٢٠)، المعجم الوسيط (١/ ١٥٨).
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ١٣٨).
(٦) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٩)
(٧) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه باب: [قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ»] (٩/ ٨٣) برقم: [٧٢٢٩]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَجَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَمَتَى يَحِلُّ الْقَارِنُ مِنْ نُسُكِهِ] (٢/ ٨٨٣) برقم: [١٢١٦]. واللفظ للبخاري.
(٨) أثبته من (ب).