للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه لا غنى عن تقديم السنن وصحيح الآثار أولًا.

ونحو هذا في هذا الفصل قول ابن وهب: الحديث مضلة إلا للعلماء.

ولولا مالك والليث لضللنا وأما أحمد وداود فإنهما سلكا إتباع الآثار، ونكبا عن طريق الاعتبار، ولكن داود غلا في ذلك فترك القياس جملة.

فأحدث هو وأصحابه من القول بالظاهر ما خالف فيه أئمة الأمة، فخانه التمسك برفع أدلة الشريعة وأعرض مما مضت عليه من الاجتهاد والاعتبار وسمى ما لم يجد فيه نصًا ظاهرًا عفوًا، وأطلق على بعضه الإباحة واضطربت أقوال أصحابه

في ذلك لضيق المسلك فيه، فتهافت مذهبه، واختل نظره، وجاء من أتباع الظاهر بمقالات يمج الكثير منها السمع وينكره.

وقال أحمد: الخبر الضعيف عندي خير من القياس، وبديهة العقل تنكر هذا.

فلا خير في بناء غير أساس، وهذا أكرمكم الله اعتبار في التفضيل نبيل، يدل المنصف على السالك منه نهج السبيل.

الاعتبار الثالث: يحتاج إلى تأمل شديد، وقلب سليم من التعصب شهيد، وهو الالتفاف إلى قواعد الشريعة ومجامعها، وفهم الحكمة المقصودة بها من شارعها.

فنقول: إن أحكام الشريعة وأوامر ونواهي تقتضي حثًا على قرب من محاسن، وزجرًا على مناكر وفواحش، وإباحة لما به مصالح هذا العالم وعمارة هذه الدار ببني آدم.

وأبواب الفقه وتراجم كتبه كلها دائرة على هذه الكلمات وسنشير إلى رموز في كلمات هذه القواعد لنبين للناظر من اتبع فيها معنى الشرع المراد أو خالف فنكب على السداد وحاد، وإن مالكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>