الله ﷺ على ترتيب متواترها ومشهودها، ثم ترتيب نصوصها وظواهرها ومفهومها على ما تقدم في الكتاب ثم الإجماع عند عدم الكتاب ومتواتر السنة.
وبعد ذلك عند عدم هذه الأصول القياس عليها والاستنباط منها إذ كتاب الله مقطوع به وكذلك ما تواتر من سنة نبيه وكذلك النص مقطوع به فوجب تقديم ذلك كله ثم الظواهر ثم المفهوم منها لدخول الاحتمال في معناها ثم أخبار الآحاد يجب العمل بها والرجوع عند عدم الكتاب والتواتر لها وهي مقدمة على القياس لإجماع الصحابة على الفعلين وتركهم في نظر أنفسهم متى بلغهم خبر ثقة عن النبي وامتثالهم مقتضاه دون خلال منهم في ذلك، آخرًا.
إذ إنما يلجأ إليه عند عدم هذه الأصول في النازلة فيستنبط من دليلها ويعتبر الأشياء بها على ما مضى عليه عمل الصحابة ومن بعدهم من السلف المرضيين وعلم من مذهبهم أجمعين، وأنت إذا نظرت لأول وهلة منازع هؤلاء الأئمة وتقررت مأخذهم في الفقه والاجتهاد في الشرع وجدت مالكًا رحمه الله تعالى ناهجًا في هذه الأصول منهاجا، مرتبًا لها مراتبها ومدارجها مقدمًا كتاب الله ومرتبًا له على الآثار، ثم مقدمًا على القياس والاعتبار، تاركًا منها لما لم يتحمله عنده الثقات العارفون بما تحملوه أو ما وجد الجمهور الجم الغفير من أهل المدينة قد عملوا بغيره وخالفوه.
ولا يلتفت إلى من تأول عليه بظنه في هذا الوجه، سوء التأويل وقوله ما لا يقوله بل يصرح أنه من الأباطيل.
ثم كان من وقوفه عن المشكلات وتحريه عن الكلام في المعوصات ما سلك به سبيل السلف الصالحين وكان يرجح الاتباع ويكره الابتداع والخروج عن سنن الماضيين، ثم سلك الشافعي سبيله وبسط مأخذه في الفقه وأصوله.
لكن خالفه في أشياء أداه إليه اجتهاده وثقوب فطنته ولم يخلصه من دركها عدم استقلاله بعلم الحديث والأثر، وتزحزحه عن الانتهاء في معرفته، ثم ما جرى بينه وبين بعض المالكية بمصر وحمله عليه حتى