لرواية الآخر، فيقولون في ذلك اختلاف من رواية ابن نافع عن مالك وقد وهم فيهما عظيم من شيوخ الأندلسيين بعد أن فرق بينهما، لكنه زعم أن صاحب السماع هو الزبيري وأنه المذكور في العتيبة، ومثل ذلك علي ابن زياد التونسي وعلي بن زياد الاسكندراني كلاهما من أصحاب مالك فاضل مشهور. فالأول الفقيه شيخ سحنون وغيره، والآخر صالح يعرف بالمحتسب. وقد جرى ذكر ابن زياد مرة بحضرة من يفهم هذا الباب، فلم يكن عنده شك أن الفقيه المذكور اسكندارني فقلت له هما اثنان وأوقفته على من قال ذلك بمعرفة، هذا مما يضطر إليه، لا سيما إذا كان بينهما فرق في العلم ومزية في العدالة والفضل. ثم ذكرنا من مولدهم ووفاتهم وذكر مشايخهم ورواتهم وتصنيف أزمانهم وطبقاتهم ما انتهى ألينا علمه، وصح عندنا نقله، لتعرف بذلك أوقاتهم ولتبين في التقدم والتأخر درجاتهم، ويتميز بذلك المتصل من المنقطع من روايتهم. وكثيرًا ما يخلط الفقهاء هذا الباب، وربما حكوا الرواية وأسندوها عن المتقدم عن المتأخر إذا اشتبهت عليهم طبقاتهم ولم تتميز لهم أوقاتهم وقد شاهدت معظمًا منهم ذكر عن ابن حارث الفقيه مسألة، قال فيها ابن حارث: وقد شاهدت أحمد بن نصر يفتي بذلك.
فحمل هذا الشيخ أنه ابن نصر الداودي المتأخر وطبقته بعد ابن حارث توفى ابن حارث سنة اثنين وستين وثلائمائة، وتوفى الداودي سنة اثنين وأربعمائة.
وإنما أراد ابن حارث أحمد بن نصر بن زياد الهواري من أصحاب ابن سحنون، وابن عبدوس كاتب القاضي همام ووفاته سنة سبع عشرة وثلاثمائة. فلو عرف الشيخ، والله أعلم، أنهما اثنان وميز طبقتهما لما سقط هذا السقوط ولعدم