للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلموا أنما جاء هذا النقص في الصلاة من المنسوبين إلى الفضل المبكرين إلى الجمعات، ممن بالمشرق والمغرب من أهل الإسلام؛ لسكوت أهل العلم والفقه والبصر عنهم، وتركهم ما لزمهم من النصيحة والتعليم والأدب، والأمر والنهي، والإنكار والتغيير، فجرى أهل الجهالة على المسابقة للإمام، وجرى معهم كثير ممن يُنسب إلى العلم والفقه والبصر والفضل، استخفافًا منهم بالصَّلاة. والعجب كل العجب من اقتداء أهل العلم بأهل الجهالة، بمجراهم معهم في المسابقة للإمام في الركوع، والسجود، والرفع، والخفض، وفعلهم معهم، وتركهم ما حملوا، وسمعوا من الفقهاء والعلماء، وإنما الحقُّ الواجب على العلماء أن يعلموا الجاهل وينصحوه، ويأخذوا على يده، فهم فيما تركوا آثمون، عصاة خائنون؛ لجريانهم معهم في ذلك، وفي كثير من مساوئهم من الغش والنميمة، ومحقرة الفقراء والمستضعفين، وغير ذلك من المعاصي مما يكثر تعداده، جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه" (١) فتعليم الجاهل واجب على العالم، لابد له؛ لأنه لا يكون الويل للعالم من تطوع تركه؛ لأن اللَّه لا يؤاخذ على ترك التطوع، إنما يؤاخذ على ترك الفريضة، وجاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (٢) والمضيع لصلاته، الذي يسابق الإمام فيها، ويركع ويسجد معه، أو لا يتم ركوعه ولا سجده، إذا صلَّى وحده فقد أتى منكرًا؛ لأنه سارق.


(١) تقدم تخريجه، وهو في "الضعيفة" (٤٧٥٦).
(٢) رواه الإمام أحمد ٣/ ٢٠، ومسلم (٤٩) من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>